المدارك (١) وغيره ، نظرا إلى ضعف الأخبار الدالّة على جواز التثقيل ، وانحصار الخبر الصحيح في الباب برواية أيّوب.
وفيه ما لا يخفى بعد استفاضة الأخبار وانجبار ضعفها بعمل الأصحاب قديما وحديثا حتى أنّه حكي (٢) عن المقنعة والمبسوط والوسيلة والسرائر والفقيه والنهاية الاقتصار على الأوّل المشعر بتعيّنه وإن بعد إرادتهم له.
وكيف كان فالأقوى ما عرفت من التخيير بين الأمرين لكن لا يكون ذلك إلّا (مع تعذّر الوصول إلى البرّ) أو تعسّره ، ضرورة انصراف الأخبار سؤالا وجوابا عن صورة تيسّره ، وانسباقها إلى إرادة الحكم في صورة التعذّر أو التعسّر الرافع للتكليف ، فلا موقع للاستفصال في مثل الفرض كي يكون تركه مفيدا للعموم ، ولا يبعد أن لا يكون التقييد بما عرفت موردا للخلاف.
نعم ، في المدارك نسب إلى ظاهر المفيد في المقنعة والمصنّف في المعتبر جواز ذلك ابتداء (٣). ولعلّه في غير محلّه ، ولذا أنكر عليه بعض من تأخّر عنه.
وكيف كان فهو ضعيف ، لما عرفت ، فلا ينبغي التأمّل في وجوب الدفن عند تيسّره.
وهل يجب الصبر عليه مع رجاء التمكّن من الأرض في زمان قصير أو قبل فساد الميّت؟ فيه إشكال ، بل خلاف : من إطلاق الأدلّة ، ومن انصرافها إلى إرادة الحكم عند تعذّر الدفن ، فلا يجوز الإلقاء في البحر إلّا بعد إحراز تعذّر الدفن.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ١٣٥.
(٢) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ٢٩٣ ، وانظر : المقنعة : ٨٦ ، والمبسوط ١ : ١٨١ ، والوسيلة : ٦٩ ، والسرائر ١ : ١٦٩ ، والفقيه ١ : ٩٦ / ٤٤١ ، والنهاية : ٤٤.
(٣) مدارك الأحكام ٢ : ١٣٤ ، وانظر : المقنعة : ٨٦ ، والمعتبر ١ : ٢٩١.