المكلّفين ، كما هو المشهور عدا ما يظهر منهم من الاتّفاق عليه ، وكون الحكم مسلّم الثبوت بينهم حيث أرسلوه إرسال المسلّمات ، ولم ينقل فيه خلاف ، ولم يناقش فيه مناقش.
وقال في مسألة توجيه المحتضر إلى القبلة : والذي يظهر لي من الأخبار أنّ توجّه الخطاب بجميع هذه الأحكام ونحوها من التلقين ونحوه من المستحبّات أيضا إنّما هو إلى الوليّ ، كأخبار الغسل وأخبار الصلاة والدفن والتلقين ونحوها كما ستقف عليها إن شاء الله في مواضعها ، وأخبار توجيه الميّت إلى القبلة وإن لم يصرّح فيها بالوليّ إلّا أنّ الخطاب فيها توجّه إلى أهل الميّت دون كافّة المسلمين ، فيمكن حمل إطلاقها على ما دلّت عليه تلك الأخبار ـ إلى أن قال ـ نعم ، لو أخلّ الوليّ بذلك ولم يكن ثمّة حاكم شرعيّ يجبره على القيام بذلك ، انتقل الحكم إلى المسلمين بالأدلّة العامّة ، كما يشير إليه أخبار العراة (١).
أقول : مراده من الأخبار ـ التي ادّعى ظهورها في خلاف ما عليه الأصحاب ـ بحسب الظاهر هي الأخبار التي تقدّمت الإشارة إلى جملة منها ، الدالّة على اعتبار إذن الوليّ وكونه أحقّ بالصلاة والغسل وسائر أحكامه من غيره ، وقد عرفت عدم دلالتها إلّا على ثبوت الحقّ له ، لا تعيّن الفعل عليه ، وقد سمعت التنصيص في مرسلة (٢) الفقيه على أنّه «يغسّل الميّت الوليّ أو من يأمره الوليّ بذلك» فكيف يجوز للحاكم إجباره على الغسل مع أنّه من أفراد «الغير» الذي إذا أمره الوليّ بالفعل يكون حاله كحال الوليّ في أولويّته به!؟ فلو قيل بأنّ الحاكم
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٣ : ٣٥٩ ـ ٣٦٠.
(٢) تقدّمت في ص ٤٩.