النظر واللمس والتغسيل ونحوها ، لا العمومات الناهية عن النظر واللمس وتغسيل غير المماثل ، لخروج الزوجة من تحت تلك العمومات ، بل لو لم نقل بجريان الاستصحاب إمّا لمنعه من أصله أو للمناقشة في إحراز موضوعه ، لكان المرجع أصالة الإباحة لا العمومات ، إذ ليس الفرد الخارج باعتبار كونه قبل العدّة وبعدها فردين للعامّ (١) حتى يبقى للعامّ دلالة بالنسبة إلى حكم ما بعد العدّة ، كما لا يخفى على المتأمّل ، وحيثما جاز لها التغسيل يجب ، لعموم دليله.
نعم ، لو سلّم صدق الأجنبيّة عليها وعدم انصرافها عنها ، لأمكن إثبات هذه الأحكام لها ولو بتنقيح المناط ، لكنّ الفرض غير محقّق بل مقطوع العدم.
وأمّا الاستشهاد بالصحيحتين ففيه : أنّ مفادهما ـ على ما تقتضيه العلّة المنصوصة ـ إنّما هو كون حكم المرأة عند انقضاء عدّتها حكم الرجل عند موت زوجته ، فإنّهما صريحتان في انتفاء الحكم المعلّل له عند موت الزوجة بانتفاء علّته ، وهي كونها معتدّة ، فوجب أن يكون المعلول أمرا آخر غير حرمة التغسيل مطلقا ، لما ثبت نصّا وإجماعا جوازه في الجملة ولو حال الضرورة من وراء الثوب ، فالمعلول في صحيحة زرارة أمّا حرمة التغسيل اختيارا أو مجرّدا عن الثياب لا مطلقا ، أو كراهته كما هو الأقوى على ما عرفت تفصيله فيما سبق ، أو أنّ الصحيحة ـ مع ما فيها من التعليل ـ جارية مجرى التقيّة حيث حكي القول بمضمونها عن أبي حنيفة (٢).
وأمّا صحيحة الحلبي فظاهرها كون المعلول حرمة النظر ووجوب كون
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : «للمقام» بدل «للعامّ».
(٢) تحفة الفقهاء ١ : ٢٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٢ : ٤٠٣ ، المجموع ٥ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١١.