ـ عليهالسلام ـ ، واعتقدوا أنه لا تأثير له في تغليظ العقاب ، فكان ذلك تصريحا بتكذيبه ـ عليهالسلام ـ وذلك كفر ، والكافر المصرّ على كفره لا شكّ أن عذابه مخلّد ، فثبت أنّ احتجاج الجبائي بهذه الآية ضعيف».
قوله : (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ) الغرور : الخداع ، يقال منه : غرّه ، يغرّه ، غرورا ، فهو غارّ ، ومغرور.
والغرور : ـ بالفتح ـ مثال مبالغة كالضّروب.
والغرّ : الصغير ، والغرّيرة : الصغيرة ؛ لأنهما يخدعان ، والغرّة (١) : مأخوذة من هذا ، قال : أخذه على غرّة ، أي : تغفّل وخداع ، والغرّة : بياض في الوجه ، يقال منه : وجه أغرّ ، ورجل أغرّ وامرأة غرّاء.
والجمع القياسي : غرّ ، وغير القياسي غرّان.
قال : [الطويل]
١٣٧٧ ـ ثياب بني عوف طهارى نقيّة |
|
وأوجههم عند المشاهد غرّان (٢) |
والغرة من كل شيء أنفسه ، وفي الحديث : «وجعل في الجنين غرّة ، عبدا أو أمة».
قيل : الغرّة : الخيار ، وقال أبو عمرو بن العلاء ـ في تفسير هذا الحديث ـ إنه لا يكون إلا الأبيض من الرقيق ، كأنه أخذه من الغرّة ، وهو البياض في الوجه.
قوله : (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) «ما» يجوز أن تكون مصدرية ، أو بمعنى «الذي» ، والعائد محذوف أي : الذي كانوا يفترونه.
قيل هو قولهم : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة : ١٨].
وقيل هو قولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [آل عمران : ٢٤].
وقيل : هو قولهم : نحن على الحق وأنت على الباطل.
قوله : «فكيف إذا» «كيف» منصوبة بفعل مضمر ، تقديره : كيف يكون حالهم ، كذا قدّره الحوفيّ وهذا يحتمل أن يكون الكون تاما ، فيجيء في «كيف» الوجهان المتقدمان في قوله : «كيف تكفرون» (٣) من التشبيه بالحال ، أو الظرف ، وأن تكون الناقصة فتكون «كيف» خبرها.
__________________
(١) في أ : المعرة.
(٢) البيت لامرىء القيس. ينظر ديوانه (١٦٧) والمعاني الكبير لابن قتيبة ١ / ٤٨١ و ٤٨٥ ، و ٥٩٣ والصناعتين ص ٣٨٩ واللسان (طهر) والبحر المحيط ٢ / ٤٣٣ وتاج العروس ٣ / ٣٦٢ و ٤٤٤ ، والدر المصون ٢ / ٥٣.
(٣) سورة البقرة : آية (٢٨).