الثاني : من التخيل ، قيل : لأنها تتخيل في صورة من هو أعظم منها.
وقيل : أصل الاختيال من التخيل ، وهو التشبيه بالشيء ؛ لأن المختال يتخيل في صورة من هو أعظم منه كبرا. والأخيل : الشّقرّاق ؛ لأنه يتغير لونه ، فمرة أحمر ، ومرة أصفر وعليه قوله: [مجزوء الكامل]
١٣٦٢ ـ كأبي براقش كلّ لو |
|
ن لونه يتخيّل (١) |
وجوز بعضهم : أن يكون مخفّفا من «خيّل» ـ بتشديد الياء ـ نحو ميت ـ في ميّت ـ وهين في هيّن ، وفيه نظر ؛ لأن كل ما سمع فيه التخفيف سمع فيه التثقيل ، وهذا لم يسمع إلا مخفّفا ؛ وهذا تقدم.
وقال الراغب (٢) : «الخيل ـ في الأصل ـ اسم للأفراس والفرسان جميعا ، قال تعالى : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) [الأنفال : ٦] في الأصل للأفراس ، ويستعمل في كل واحد منهما منفردا ، نحو ما روي «يا خيل الله اركبي» (٣) ، فهذا للفرسان ، وقوله ـ عليهالسلام ـ : «عفوت لكم عن صدقة الخيل» (٤) ، يعني الأفراس ، وفيه نظر ؛ لأن أهل اللغة نصّوا على أن قوله ـ عليهالسلام ـ «يا خيل الله اركبي» إما مجاز إضمار أو مجاز علاقة ، ولو كان للفرسان حقيقة لما ساغ قولهم.
قوله : «المسوّمة» أصل التسويم : التعليم ، ومعنى مسومة : معلّمة.
قال أبو مسلم : مأخوذ من السيما ـ بالمد والقصر ـ ومعناه واحد ، وهو الهيئة الحسنة ، قال تعالى : (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) [الفتح : ٢٩] واختلفوا في تلك العلامة.
فقال أبو مسلم : هي الأوضاح والغرر التي تكون في الخيل وهي أن تكون غرّا محجلة.
وقال الأصم : البلق.
وقال قتادة : الشّية (٥). وقال المؤرج : الكيّ ، والأول أحسن ؛ لأن الإشارة في الآية إلى أشرف أحوالها وقال : بل هي من سوم الماشية ، أي : مرعية ، يقال : أسمت ما شيتي ، فسامت ، قال تعالى : (فِيهِ تُسِيمُونَ) [النحل : ١٠] ، وسومتها فاستامت ، أي : مرعية ، فيتعدى ـ تارة ـ بالهمزة ، وتارة بالتضعيف.
__________________
(١) البيت للأسدي ينظر الاقتضاب ٣ / ١٦١ واللسان (برقش) والصحاح (برقش) ٣ / ٩٩٤ ومجمع الأمثال ١ / ٥٤٠٤ والمفردات في غريب القرآن (خيل) ص ١٦٤ وأساس البلاغة ص ١٨٠ والدر المصون ٢ / ٣٧.
(٢) ينظر : المفردات ١٦٤.
(٣) أخرجه الطبري (٦ / ١٣٣) وابن سعد (٢ / ١ / ٥٨) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٤ / ١٨٧).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٥٤) عن قتادة.