الله ؛ اتقوا مخالفته ، وقطع الأرحام مندرج فيها ، وهذا قول مجاهد وقتادة والسّدي والضحاك والفرّاء والزّجّاج (١).
قال الواحدي (٢) : ويجوز أن يكون منصوبا بالإغراء ، أي : والأرحام احفظوها وصلوها كقولك : الأسد الأسد ، وهذا يدلّ على تحريم قطيعة الرحم ووجوب صلتها.
والثاني : أنه معطوف على محل المجرور في «به» ، نحو : مررت بزيد وعمرا ، ولمّا لم يشركه في الإتباع على اللفظ تبعه على الموضع ، وهذا يؤيده قراءة (٣) عبد الله «وبالأرحام».
وقال أبو البقاء (٤) : تعظّمونه والأرحام ؛ لأنّ الحلف به تعظيم له» ،
وقرأ حمزة (٥) «والأرحام» بالجر ، قال القفال (٦) : وقد رويت هذه القراءة عن مجاهد وغيره ، وفيها قولان :
أحدهما : أنه عطف على الضمير المجرور في «به» من غير إعادة الجار ، وهذا لا يجيزه البصريون (٧) ، وقد تقدّم تحقيق ذلك ، وأن فيها ثلاثة مذاهب ، واحتجاج كل فريق
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ٩ / / ١٤٣ ، الدر المصون ٢ / ٢٩٦ ، المحرر الوجيز ٢ / ٤ ، معاني القرآن للزجاج ٢ / ٦.
(٢) ينظر : تفسير الرازي الموضع السابق.
(٣) ينظر : تخريج القراءة السابقة.
(٤) ينظر : الإملاء ٢ / ١٨٢ ، الدر المصون ٢ / ٢٩٦.
(٥) انظر : السبعة ٢٢٦ ، والحجة ٣ / ١٢١ ، وحجة القراءات ١٨٨ ، والعنوان ٨٣ ، وإعراب القراءات ١ / ١٢٧ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٨٩ ، وشرح شعلة ٣٣١ ، وإتحاف ١ / ٥٠١.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ٩ / ١٣٣.
(٧) في هذه المسألة خلاف بين البصريين والكوفيين : فذهب البصريون في العطف على الضمير المخفوض أنه لا يجوز إلا بإعادة الخافض ، ولا يجوز عندهم العطف بغير حرف جر ؛ إلا في الشعر ، وإذا جاء في الشعر حمل على حذف حرف الجر ، وقال سيبويه : وقد يجوز في الشعر أن تشرك بين الظاهر والمضمر مع المرفوع والمجرور ، إذا اضطر الشاعر.
وأجاز هذا الكوفيون في نحو : مررت بك وزيد ، وجرى عندهم مجرى : مررت بزيد وعمرو ، واستدلوا عليه بالقياس والسماع.
أما القياس : فعلى عطف الظاهر على الظاهر ، وليس مثل عطف المضمر على الظاهر ؛ لأنك هنا ـ وإن لم تكرر ـ لزم مجيء الضمير المخفوض غير متصل ، وهذا لا يكون في المخفوض.
وأما السماع : فقوله سبحانه : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) قرأه حمزة بالخفض ، وهو معطوف على الضمير ، وللبصريين أن يقولوا : إن الوقوف على (بِهِ)(وَالْأَرْحامَ) قسم ، والتقدير : «وحق الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا» وكذلك استدلوا بقوله سبحانه : (صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهو معطوف على «به» ، والبصريون يذهبون إلى أنه معطوف على «سبيل الله».
وأما ما ذكروه من القياس ، فليس مثله ؛ فإنك إذا قلت : مررت بزيد وعمرو ، فالواو لها تقتضي الترتيب ، والمقدم كأنه مؤخر ، والمؤخر كأنه مقدم ؛ فكأنك قلت : مررت بعمرو وزيد ، وأنت لو قلت ـ