وأجيب عن الأول بأن الإجماع يكشف عن حصول الناسخ في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعن الثاني أن هذا المخالف من أهل البدعة ، فلا عبرة بمخالفته.
فإن قيل : إذا كان الأمر على ما قلتم فكان الأولى أن يقال : «مثنى أو ثلاث أو رباع» فلم جاء بواو العطف [دون «أو»].
فالجواب : أنه لو جاء بالعطف ب «أو» لكان يقتضي أنه يجوز ذلك إلا أحد هذه الأقسام ، وألّا يجوز لهم أن يجمعوا بين هذه الأقسام ، بمعنى أن بعضهم يأتي بالتثنية ، وبعضهم بالتثليث ، والفريق الثالث بالتربيع ، فلما ذكره بحرف الواو أفاد ذلك أنه يجوز لكل طائفة أن يختاروا قسما من هذه الأقسام ، ونظيره أن يقال للجماعة : اقتسموا هذا المال وهو ألف ، درهمين درهمين ، وثلاثة ثلاثة ، ولطائفة ثالثة أن يأخذوا أربعة أربعة ، فكذا هاهنا في ترك «أو» وذكر الواو.
فصل
قال مالك والشافعيّ (١) ـ رحمهماالله تعالى ـ : «إذا تزوج خامسة وعنده أربع عليه الحد إن كان عالما».
وقال الزّهريّ (٢) : «يرجم إذا كان عالما ، وإذا كان جاهلا عليه أدنى الحدين ، الذي هو الجلد وهو مهرها ، ويفرّق بينهما ولا يجتمعان أبدا».
وقال النّعمان : «لا حدّ عيه في شيء من ذلك».
وقالت طائفة (٣) : «يحدّ في ذات المحرم ، ولا يحدّ في غير ذلك من النكاح ، مثل أن يتزوج مجوسية ، أو خمسا في عقد، أو تزوّج معتدة (٤) ، أو بغير شهود ، أو [تزوج](٥) أمة بغير إذن مولاها».
قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ) شرط ، جوابه «فواحدة» ، وقد تقدّم أن منهم من جعل «فواحدة» جوابا للأول وكررّ الثاني لما طال الفصل ، وجعل قوله : (فَانْكِحُوا) جملة اعتراض ، ويعزى لأبي علي ، ولعله لا يصحّ عنه.
قال أبو حيان (٦) : إذا أنتج من الآيتين هذه وقوله : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا) [النساء : ١٢٩] ما أنتج [من](٧) الدلالة اقتضى أنه لا يجوز أن يتزوّج غير واحدة ، أو يتسرّى بما ملكت يمينه ، ويبقى الفصل بجملة الاعتراض لا فائدة له ، بل يكون لغوا على زعمه.
والجمهور على نصب «فواحدة» بإضمار فعل أي : فانكحوا واحدة وطؤوا ما ملكت
__________________
(١) ينظر : القرطبي ٥ / ١٤.
(٢) ينظر القرطبي الموضع السابق.
(٣) ذكره القرطبي معزوّا إلى يعقوب ومحمد ٥ / ١٤.
(٤) في القرطبي : متعة.
(٥) سقط في ب.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٣ / ١٧٢.
(٧) سقط في ب.