على التّحقيق إظهار لمنزلة الشّفيع عند المشفّع ، وإيصال المنفعة إلى المشفوع له](١) فيكون المراد : تحريض النّبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ إيّاهم على الجهاد ؛ لأنه إذا أمرهم بالغدو (٢) ، فقد جعل نفسه شفعا لهم في تحصيل الأغراض المتعلّقة بالجهاد ، والتّحريض على الشّيء عبارة عن الأمر به على وجه الرّفق والتّلطّف ، وذلك يجري مجرى الشّفاعة.
وقيل : المراد ما تقدّم من شفاعة بعض المنافقين النّبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ في أن يأذن لبعضهم في التّخلّف.
ونقل الواحديّ (٣) عن ابن عبّاس ؛ ما معناه : أن الشّفاعة الحسنة ههنا ، وهي أن يشفع إيمانه بالله بقتال الكفّار ، والشفاعة السّيّئة : أن يشفع كفره بموالاة الكفّار ، وقيل : الشّفاعة الحسنة : ما تقدّم في أن يشفع مؤمن لمؤمن [عند مؤمن](٤) آخر ؛ في أن يحصّل له آلات الجهاد ، وروي عن ابن عبّاس ؛ أن الشفاعة الحسنة [هي الإصلاح بين النّاس ، والشّفاعة السّيّئة ، هي النّميمة بين النّاس.
وقيل](٥) : هي حسن القول في النّاس ينال به الثّواب والخير ، والسّيّئة هي الغيبة والقول السيّىء في النّاس ينال به الشّرّ. والمراد بالكفل : الوزر.
قال الحسن مجاهد والكلبي وابن زيد : المراد شفاعة النّاس بعضهم لبعض (٦) ، فإن كان في ما يجوز ، فهو شفاعة حسنة ، وإن كان فيما لا يجوز ، فهو شفاعة سيّئة.
قال ابن الخطيب (٧) : هذه الشّفاعة لا بدّ وأن يكون لها تعلّق بالجهاد ، وإلّا صارت
__________________
ـ اصطلاحا :
عرفها الحنفية بأنها : ضم ملك البائع إلى ملك الشفيع ، وتثبت للشفيع بالثمن الذي بيع به رضي المتبايعان أو شرطا.
عرفها الشافعية بأنها : حق تملك قهري ، يثبت للشريك القديم على الشريك الحادث ، فيما ملك بعوض.
عرفها المالكية بأنها : استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه.
عرفها الحنابلة بأنها : استحقاق انتزاع الإنسان حصة شريكه من مشتريها بمثل ثمنها.
ينظر : الاختيار ٢ / ٥٦ ، حاشية ابن عابدين ٥ / ١٣٧ ، فتح القدير : ٩ / ٣٦٨ ، المبسوط ١٤ / ٩٠ ، حاشية البجيرمي ٣ / ١٤٥ ، مغني المحتاج ٢ / ٢٩٦ ، منح الجليل ٣ / ٥٨٢ ، الإنصاف ٦ / ٢٥٠ ، الكافي ٢ / ٤١٦ الصحاح ٣ / ١٢٣٨ ، المغرب ٢٥٣ ، المصباح المنير ١ / ٤٨٥.
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : بالفعل.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٦٥.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٥٨١ ـ ٥٨٢) عن مجاهد والحسن وابن زيد.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٣٥) عن مجاهد وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره أيضا (٢ / ٣٣٥) عن الحسن وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٦٥.