الإنسان فيه ، أي : يستقر. وقال أبو عبيد : كل شيء جزت فيه فغبت فهو مغارة لك ، ومنه : غار الماء في الأرض ، وغارت العين. وهي مفعلة ، من : غار يغور ، فهي كالغار في المعنى. وقيل : المغارة : السّرب ، كنفق اليربوع.
والغار : النّقب في الجبل. والجمهور على فتح ميم «مغارات». وقرأ عبد (١) الرحمن بن عوف «مغارات» بالضم ، وهو من : أغار ، و «أغار» يكون لازما ، تقول العرب : «أغار» بمعنى «غار» أي : دخل. ويكون متعدّيا ، تقول العرب : أغرت زيدا ، أي : أدخلته في الغار ، فعلى هذا يكون من «أغار» المتعدّي ، والمفعول محذوف ، أي : أماكن يغيرون فيها أنفسهم ، أي : يغيّبونها. و «المدّخل» : «مفتعل» من : الدخول ، وهو بناء مبالغة في هذا المعنى ، والأصل : «مدتخل» فأدغمت «الدال» في «تاء» الافتعال ك : «ادّان» من «الدّين». وقرأ قتادة ، وعيسى (٢) بن عمر ، والأعمش «مدّخّلا» بتشديد الدال والخاء معا. وتوجيهها أن الأصل «متدخّلا» ، من : «تدخّل» بالتّضعيف ، فلمّا أدغمت التاء في الدال صار اللفظ «مدخّلا» نحو «مدّيّن» من «تديّن».
وقرأ الحسن أيضا (٣) ، ومسلمة بن محارب ، وابن أبي إسحاق ، وابن محيصن ، وابن كثير ، في رواية «مدخلا» بفتح الميم وسكون الدال وفتح الخاء خفيفة ، من «دخل». وقرأ (٤) الحسن في رواية محبوب كذلك ، إلّا أنه ضمّ الميم ، جعله من «أدخل». وهذا من أبدع النّظم ، ذكر أولا الأمر الأعم ، وهو «الملجأ» من أي نوع كان ، ثم ذكر الغيران التي يختفى فيها في أعلى الأماكن ، وهي الجبال ، ثم ذكر الأماكن التي يختفى فيها في الأماكن السافلة ، وهي السّروب ، وهي التي عبّر عنها ب «المدّخل». وقال الزجاج : يصحّ أن تكون «المغارات» من قولهم : «حبل مغار» أي : محكم الفتل ، ثم يستعار ذلك في الأمر المحكم المبرم فيجيء التأويل على هذا : لو يجدون نصرة ، أو أمورا مشددة مرتبطة تعصمهم منكم وجعل «المدّخل» أيضا قوما يدخلون في جملتهم. وقرأ أبي (٥) «مندخلا» بالنون بد الميم ، من «اندخل» ؛ قال : [البسيط]
٢٧٩٨ ـ ......... |
|
ولا يدي في حميت السّمن تندخل (٦) |
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٤٦ ، البحر المحيط ٥ / ٥٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٧٤ الكشاف ٢ / ٢٨١.
(٢) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٩٣ ، المحرر الوجيز ٣ / ٤٦ ، البحر المحيط ٥ / ٥٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٧٤.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٨١ ، إتحاف ٢ / ٩٣ ، المحرر ٣ / ٤٦ ، البحر ٥ / ٥٦ ، الدر ٣ / ٤٧٤.
(٤) ينظر : السابق.
(٥) ينظر : السابق.
(٦) عجز بيت للكميت وصدره :
لا خطوتي تتعاطى غير موضعها
ينظر : ديوانه (٢ / ١٣) المحتسب ١ / ٢٩٦ ، المنصف ١ / ٧٢ البحر ٥ / ٥٦ الدر المصون ٣ / ٤٧٥ روح المعاني ١ / ١٩٩ حاشية الشهاب ٤ / ٣٣٥ اللسان ٢ / ١٣٤٠ [دخل].