وقال جماعة من أهل العلم : إنّ المؤلفة منقطعة ، وسهمهم ساقط ، روي ذلك عن عمر وهو قول الشعبي ، وبه قال مالك ، والثوريّ ، وأصحاب الرأي وإسحاق بن راهويه وقال قوم : سهمهم ثابت مروي ذلك عن الحسن ، وهو قول الزهري ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي ثور ، وقال أحمد : يعطون إن احتاج المسلمون إلى ذلك.
قوله : وفي الرقاب قال الزجاج فيه محذوف ، والتقدير : «وفي فك الرقاب» وقد تقدم الكلام في تفسير «الرقاب» في قوله : (وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ) [البقرة : ١٧٧]. ثمّ في تفسير «الرقاب» أقوال :
أحدها : أنّهم المكاتبون ليعتقوا من الزكاة ، وقال مالك وغيره : إنه لعتق الرقاب يشترى به عبيد فيعتقون. وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يعتق من الزكاة رقبه كاملة ولكن يعطى منها في رقبة ويعان بها مكاتب ؛ لأن قوله : (وَفِي الرِّقابِ) يقتضي أن يكون له فيه مدخل ، وذلك ينافي كونه تاما فيه ، وقال الزهريّ : سهم الرقاب نصفان ، نصف للمكاتبين المسلمين ، ونصف يشترى به رقاب ممّن صلوا وصاموا.
قال بعض العلماء : والاحتياط في سهم الرقاب دفعه إلى السّيد بإذن المكاتب ؛ لأنّه تعالى أثبت الصدقات للأصناف الأربعة المتقدم ذكرهم بلام التمليك بقوله : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) ولمّا ذكر «الرقاب» أبدل حرف اللام بحرف «في» فقال : (وَفِي الرِّقابِ) فلا بدّ لهذا الفرق من فائدة ، وهي أنّ الأصناف الأربعة يدفع إليهم نصيبهم. وأما الباقون فيصرف نصيبهم في المصالح المتعلقة بهم لا إليهم.
قال الزمخشري : «فإن قلت : لم عدل عن اللّام إلى «في» في الأربعة الأخيرة؟ قلت : للإيذان بأنّهم أرسخ في استحقاق التصدّق عليهم ممّن سبق ذكره ؛ لأنّ «في» للوعاء ، فنبّه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات وجعله مظنّة لها ومصبّا».
ثم قال : «وتكرير «في» في قوله : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين».
قوله : والغارمين قال الزجاج : أصل الغرم في اللغة : لزوم ما يشق ، والغرام العذاب اللّازم ، وسمي العشق غراما ، لكونه شاقا على الإنسان ولازما له ، ومنه : فلان مغرم بالنّساء إذا كان مولعا بهنّ ، وسمي الدّين غراما ، لكونه شاقا ، والمراد بالغارمين المديونون ، فالدّين إن حصل بسبب معصية لا يدخل في الآية ؛ لأنّ المقصود من صرف المال إليه الإعانة ، والمعصية لا تستوجب الإعانة ، وإن حصل لا بسبب معصية فهو قسمان : دين حصل بسبب نفقات ضرورية أو في مصلحة ، ودين بسبب حمالات وإصلاح ذات بين ، والكل داخل في الآية.
روى الأصمّ في تفسيره أن النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا قضى بالغرة في الجنين قالت العاقلة : لا