٢٨٣٨ ـ وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دما |
|
بصاحبه يوما أحال على الدّم (١) |
وفي «الدائرة» مذهبان :
أظهرهما : أنها صفة على فاعلة ، ك «قائمة». وقال الفارسيّ : «يجوز أن تكون مصدرا كالعافية ، ولو لم تضف الدائرة إلى السوء ، أو السوء لما عرف منها معنى السّوء ؛ لأنّ دائرة الدّهر لا تستعمل إلّا في المكروه ، والمعنى : يدور عليهم البلاء والحزن ، فلا يرون في محمد ، ودينه إلّا ما يسوؤهم». ثم قال (وَاللهُ سَمِيعٌ) لقولهم ، «عليم» بنيّاتهم.
قوله تعالى : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الآية.
لمّا بيّن أنّ في الأعراب من يتخذ إنفاقه في سبيل الله مغرما ، بيّن هنا أنّ منهم أيضا من يؤمن بالله واليوم الآخر. قال مجاهد : هم بنو مقرن من مزينة (٢). وقال الكلبيّ هم أسلم ، وغفار ، وجهينة (٣). وروى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لأسلم وغفار ، وشيء من مزينة وجهينة ، خير عند الله يوم القيامة ، من أسد وغطفان وهوازن وتميم» (٤).
قوله : (وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ) ف «قربات» مفعول ثان ل «يتّخذ» كما مرّ في (مَغْرَماً) [التوبة : ٩٨] ولم يختلف قرّاء السبعة في ضمّ الرّاء من «قربات» ، مع اختلافهم في راء «قربة» كما سيأتي ، فيحتمل أن تكون هذه جمعا ل «قربة» بالضّم ، كما هي قراءة ورش عن نافع ، ويحتمل أن تكون جمعا للساكنها ، وإنّما ضمّت إتباعا ، ك «غرفات» ، وقد تقدّم التّنبيه على هذه القاعدة ، وشروطها عند قوله : (فِي ظُلُماتٍ) [البقرة : ١٧] أول البقرة.
قال الزجاج : يجوز في «القربات» أوجه ثلاثة ، ضم الراء ، وإسكانها ، وفتحها.
والمعنى : أنّهم يتخذون ما ينفقونه سببا لحصول القربات عند الله.
قوله : (عِنْدَ اللهِ) في هذا الظرف ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنّه متعلق ب «يتّخذ» والثاني : أنّه ظرف ل «قربات» ، قاله أبو البقاء. وليس بذلك.
الثالث : أنه متعلق بمحذوف ، لأنّه صفة ل «قربات». قوله : (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) فيها وجهان :
__________________
(١) البيت للفرزدق ينظر : ديوانه ٢ / ١٨٧ ، جامع البيان ١٤ / ٤٣١ ، التهذيب ٥ / ٢٤٦ العقد الفريد ٦ / ٢٤٢ ، التفسير الكبير ٦ / ١٦٧ ، معاني الأخفش ٢ / ٥٥٩ اللسان (حول) ، الدر المصون ٣ / ٤٩٦.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٥٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٨٢) وزاد نسبته إلى سنيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٢١).
(٤) أخرجه مسلم (٤ / ١٩٥٥) كتاب فضائل الصحابة : باب فضائل غفار وأسلم وجهينة ـ حديث (١٩١ / ٢٥٢١) من حديث أبي هريرة.