٢٨٥٩ ـ وفيهم مقامات حسان وجوههم |
|
وأندية ينتابها القول والفعل (١) |
والنّادي المجلس.
وقال الفرّاء : إنّه يجمع على «أوداء» ك «صاحب وأصحاب» ؛ وأنشد لجرير : [الوافر]
٢٨٦٠ ـ عرفت ببرقة الأوداء رسما |
|
محيلا طال عهدك من رسوم (٢) |
وزاد الرّاغب في «فاعل وأفعلة» : «ناج وأنجية» فقد كملت ثلاثة ألفاظ ، في «فاعل وأفعلة». ويقال : أوداه : أي : أهلكه ؛ كأنهم تصوّروا منه إسالة الدّم. وسميت الدّية دية ؛ لأنّها في مقابلة إسالة الدّم. ومنه «الودي» وهو ماء الفحل عند المداعبة ، وما يخرج عند البول ، و «الوديّ» بكسر الدال وتشديد الياء : صغار النّحل.
قوله : (إِلَّا كُتِبَ) هذه الجملة في محلّ نصب على الحال من «ظمأ» وما عطف عليه أي : لا يصيبهم ظمأ إلا مكتوبا. وأفرد الضّمير في «به» ، وإن تقدّمته أشياء ، إجراء للضمير مجرى اسم الإشارة ، أي : كتب لهم بذلك عمل صالح.
قال ابن عبّاس : بكل روعة تنالهم في سبيل الله سبعين ألف حسنة (٣).
وقوله : (إِلَّا كُتِبَ) كنظيره. والمضمر : يحتمل أن يعود على العمل الصالح المتقدم ، وأن يعود على أحد المصدرين المفهومين من «ينفقون» و «يقطعون» ، أي : إلّا كتب لهم الإنفاق أو القطع. وقوله : «ليجزيهم» متعلق ب «كتب» وقوله : (أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) فيه وجهان :
الأول : أنّ الأحسن من صفة فعلهم وفيها الواجب والمندوب والمباح ، والله تعالى يجزيهم على الأحسن ، وهو الواجب والمندوب دون المباح.
والثاني : أن الأحسن صفة للجزاء ، أي : يجزيهم جزاء هو أحسن من أعمالهم وأفضل ، وهو الثواب. روى خريم بن فاتك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من أنفق نفقة في سبيل الله كتب الله له سبعمائة ضعف» (٤).
قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) الآية.
يمكن أن يقال هذه الآية من بقيّة أحكام الجهاد ، ويمكن أن يقال إنّه كلام مبتدأ لا تعلق لها بالجهاد.
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر البيت في ديوانه ٤٩٤ برواية الوداء في موضع الأوداء والبحر المحيط ٥ / ٩٢ واللسان (ودى) والقرطبي ٨ / ١٨٥ والدر المصون ٣ / ٥١٢.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٨ / ١٨٥).
(٤) أخرجه الترمذي ٤ / ١٤٥ كتاب فضل الجهاد : باب ما جاء في فضل النفقة في سبيل الله (١٦٢٨) والنسائي ٦ / ٤٩ كتاب الجهاد : باب فضل النفقة في سبيل الله (٣١٨٦) وأحمد ٤ / ٣٤٥.