أقلّ ما يتحقّق به الغسل ، فإنّ القطرة المتخلّفة على رأس الحشفة ـ مثلا ـ إذا وقع عليها قطرة ماء أمكن جريانها عليه وانفصالها عنه ، فإذا تعقّبها مثلها كذلك كفى في طهر المحلّ ، ويتحقّق أقلّ الغسلتين.
وربّما قيل : إنّهما كناية عن الغسلتين ، للتوافق بين الأخبار.
وكيف كان فتستحبّ الزيادة عليهما ، لبعد تحقّق الغسلتين بهما ، أو ضعفه.
( واستنجاء الرجل طولا والمرأة عرضا ) وكذا قيل (١) : تستبرئ المرأة عرضا إذا قلنا به.
( والدعاء ) في أحواله المذكورة ، ( فللدخول ) إلى محل الحدث : ( بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس ) وأصله القذر (٢) والمراد به هنا الشيطان ، استقذارا له كما عبّر به عن الأوثان في قوله تعالى ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) (٣) ، وكما عبّر به عن المعصية ومساوئ الأخلاق في قوله تعالى ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) (٤).
وقد يطلق الرجس على العقاب كما في قوله تعالى ( وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) (٥).
وحيث أراد به الأول أكّده بقوله : ( النجس ) وهو بكسر النون وسكون الجيم ـ اتّباعا للرجس ، ويجوز إبقاؤه على أصله ـ وهو فتح النون والجيم أو كسرها ـ ( الخبيث ) في نفسه ( المخبث ) بكسر الباء ـ لغيره. ( الشيطان ) من ألقاب إبليس اللعين ، وهو إمّا فيعال من شطن : إذا بعد ، لبعده عن رحمة الله أو من الخير ، أو فعلان من شاط يشيط ، إذا بطل ، وهو منصرف على الأوّل دون الثاني ( الرجيم ) فعيل بمعنى مفعول من الرجم ، وهو الرمي ، أي المرمى بالشهب الثاقبة أو باللعنة.
وإنّما قدّمت البسملة هنا على الاستعاذة بخلاف القراءة ، لأنّ التعوّذ هناك للقراءة
__________________
(١) تقدّم في الصفحة : ٣٨ ، الهامش (٥).
(٢) « تاج العروس » ٨ : ٣٠٣ « رجس ».
(٣) « الحج » ٢٢ : ٣٠.
(٤) « الأحزاب » ٣٣ : ٣٣.
(٥) « يونس » ١٠ : ١٠٠.