أو العامّ ، وقد تقرّر في محلّه بطلان التمسّك بالعمومات في الشبهات المصداقيّة.
لكن لا يخفى عليك أنّ مقتضى الأصل ليس إلّا عدم الوجوب لا عدم الجواز ، بل مقتضى الأصل : جواز غسله ولو مجرّدا عن الثياب ، كجواز مسّه والنظر إليه ، لأنّ شرط الحرمة أيضا ـ أعني عدم المماثل ـ غير محرز ، فهي ـ كالوجوب ـ منفيّة بالأصل ، فيبقى الفعل على أصل الجواز ، ويكفي في مشروعيّته احتمال كونه واجبا في الواقع وإتيانه بداعي هذا الاحتمال ، كما عرفته في نيّة الوضوء.
لكن لا يخفى عليك أنّه لو قلنا بجواز الغسل للأجنبيّ من فوق الثياب ـ كما هو الأظهر ـ فالأحوط إتيانه كذلك كي يكون متقرّبا بالفعل على كلّ تقدير.
وحاصل هذا الوجه : رجوع كلّ مكلّف إلى أصل البراءة عن التكليف بالغسل. وعلمه الإجمالي بتوجّه الخطاب بالغسل إلى إحدى الطائفتين لا يؤثّر في تنجيز التكليف على أحد ، كما في واجدي المنيّ في الثوب المشترك.
وأمّا الوجه الثاني : فتوجيهه : أنّ مقتضى وجوب الغسل كفاية على عامّة المكلّفين : عدم اختصاص التكليف به بمن يباشره بنفسه ، فالمباشرة شرط الوجود لا الوجوب ، فيجب على كلّ مكلّف ـ ولو بإعانة بعضهم لبعض ـ السعي في إيجاد الغسل من مماثل وإن لم يجب على نفسه المباشرة. ألا ترى أنّه لو ماتت امرأة ، يجب على الرجال أيضا ـ كالنساء ـ السعي في حصول غسلها في الخارج بتمهيد مقدّماته ، وإعلام من يماثلها ، وإلزامه بذلك على تقدير الامتناع ولو من باب الأمر بالمعروف ، إلى غير ذلك ممّا هو من آثار الوجوب الكفائي ، ففي ما نحن فيه يجب على المكلّفين السعي في حصول غسل الخنثى من مماثله ، وهو أمر مقدور ، غاية الأمر أنّه يتوقّف الجزم بحصول الواجب على تكرير الغسل بفعل