المحارم من دون اشتراط المماثلة ، بدعوى انصراف الأخبار ـ المانعة من تغسيل غير المماثل ـ عن الخنثى حيث إنّ المتبادر منها ـ ولو لأجل المناسبة المغروسة في الأذهان ـ ليس إلّا إرادة المنع من تغسيل من يحرم النظر إليه ، وحيث إنّ الأظهر جواز نظر كلّ من الطائفتين إليه ولمسه فلا يفهم من تلك الأخبار المنع من تغسيله ، فيجب على الجميع تغسيله ، للعمومات السليمة عن المخصّص.
لكن هذه الدعوى ـ مع قوّتها ـ غير خالية عن النظر بل المنع ، فالأظهر عموم شرطيّة المماثلة أو المحرميّة ، وعدم اختصاصها بما عدا الخنثى ، فلو انكشف الواقع بإخبار صادق ، لم يجز لغير المماثل غسله ، وحيث إنّ ما عدا المحارم لم يعلم بكونه مكلّفا بالغسل ، لجهله بالمماثلة لم يجب عليها مباشرته وإن قلنا بصحّته على تقدير حصوله منه ، كما سيأتي التكلّم فيه. وأمّا المحارم فيجب عليهم ذلك ، لعلمهم بتنجّز الخطاب في حقّهم ، فيجب عليهم غسله بمعنى أنّه يتعيّن عليهم ذلك ، لا أنّه لا يصحّ إلّا بفعلهم ، ضرورة صحّته من الأجنبيّ المماثل ، غاية الأمر أنّه لا يمكن القطع بحصوله منه إلّا بتكرير الغسل.
وكيف كان فإن فقدت المحارم ، هل يرتفع التكليف بالغسل ويجوز دفنه بدونه ، أو أنّه يجب على عامّة المكلّفين تغسيله مرّتين احتياطا ، تحصيلا للجزم بحصول الواجب مع شرطه ، أم لا يجب إلّا غسل واحد كفاية على الجميع؟ وجوه.
أمّا الأوّل : فتوجيهه : أنّ وجوب الغسل عند فقد المحرميّة مشروط بالمماثلة ، والشكّ في الشرط شكّ في المشروط ، فيرجع فيه إلى البراءة.
وتوهّم الرجوع إلى عمومات وجوب الغسل ، مدفوع : بخروج غير المماثل منها ، والشكّ في المقام إنّما هو في كون المشكوك من أفراد المخصّص