التّكليفيّة ، فإنّ المتأمّل في أدلّته يوشك أن لا يرتاب في أنّ اعتبار الشارع لهذا الشرط لم يكن إلّا لعدم رضاه بأن يتصدّى الأجنبيّ لهذا العمل المتوقّف غالبا على النظر واللمس ، فنهي الشارع عنه ليس لبطلانه في حدّ ذاته ، بل لكون فعله الخارجي مصداقا لعنوان مرجوع أو ملزوما لأمر كذلك ، فلا يعقل أن يطلبه الشارع ، فيفسد عمله لذلك ، نظير الوضوء بالماء المغصوب ، ولا يصلح مثل هذه الجهات العارضيّة المقبّحة للفعل مانعا من وقوعه امتثالا للأمر المتعلّق بالطبيعة إلّا إذا اتّصفت فعلا بالقبح بمعنى أنّ الفساد في مثل الفرض يدور مدار المنع الفعلي المنجّز لا الشأني ، فحيثما جاز صحّ فعله ، كما لو غسل الأجنبيّ بزعم المماثلة أو المحرميّة ، فانكشف خطوة ، أو توضّأ بماء مغصوب بزعم الملكيّة ، أو اغتسل في ماء بارد باعتقاد عدم الضرر ، فتبيّن كونه مضرّا ، إلى غير ذلك من الموارد التي نلتزم فيها بصحّة العبادات المشتملة على جهات مقبّحة عند عدم تأثير تلك الجهات في صيرورة الفعل من حيث صدوره عن الفاعل قبيحا ، وفيما نحن فيه وإن لم يكن المكلّف غافلا لكنّه بحكمه في عدم تنجّز النهي في حقّه ، بل قد يكون تكليفه في مقام العمل هو الإتيان بالفعل ، كما لو أحرز من نفسه القدرة على إيجاد الواجب الكفائي بنفسه أو بالتسبيب ، فإنّه يجب عليه حينئذ الإتيان بالفعل من باب المقدّمة العلميّة ، فمتى أوجده يصحّ غسله ، ويرتفع الخطاب المتعلّق به ولو لم يكن مماثلا في الواقع.
إن قلت : إذا كان الخطاب بمباشرة الغسل مخصوصا بالمماثل ولم يجب إلّا عليه ، فكيف يعقل أن يصحّ من غير المماثل ويقع امتثالا لأمر الواجب المتوجّه إلى المماثل!؟.