مشروعيّتها ، لورود الأمر فيها في مقام توهّم الحظر ، فلا يفهم منه الوجوب.
وكيف كان فلا يمكن إثبات الوجوب بمثل هذه الأدلّة ، وإليه أشار المحقّق الأردبيلي ـ فيما حكي عنه ـ في مجمع البرهان ، حيث قال : وأمّا وجوب غسل كلّ مسلم فلعلّ دليله الإجماع ، وقد صرّح ـ فيما حكي عنه ـ بأنّ الظاهر أنّه لا نزاع فيه لأحد من المسلمين (١).
أقول : ولا يبعد أن يكون كذلك ، فإنّ الخلاف في تغسيل المخالف وإن نسب إلى جماعة من القدماء والمتأخّرين لكنّ الظاهر أنّ ذلك منهم ـ عدا بعض متأخّري المتأخّرين ـ إنّما هو لبنائهم على كفر المخالف.
وكيف كان فإن تمّ الإجماع فهو ، وإلّا فالمسألة في غاية الإشكال ، خصوصا بملاحظة ما صرّحوا به ، بل نسبه المحقّق الثاني في حاشية الشرائع ـ على ما حكي (٢) عنه ـ إلى ظاهر الأصحاب من أنّ الواجب إنّما هو تغسيلهم غسل أهل الخلاف ، فإنّ مقتضاه أن لا يكون مستندهم فيه إطلاقات أدلّة الغسل ، إذ لا يمكن استفادة وجوب غسل باطل من تلك الأدلّة ، فإنّ المراد بها ليس إلّا الغسل الصحيح ، ولذا استدلّ شيخنا المرتضى قدسسره عليه بالإجماع ، وقال : لو سلّمنا عدم ثبوت الإجماع على الكلّيّة ، كفى في المسألة ما دلّ على أنّه تجب المعاملة مع المخالف معاملة المسلمين المؤمنين في الأمور المتعلّقة بالمعاشرة التي من أهمّها أن لا يعامل مع موتاهم معاملة الكلاب ، وهذا واضح لمن لاحظ تلك الروايات (٣).
__________________
(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٤ : ٨٠ ، وانظر : مجمع الفائدة والبرهان ١ : ١٧٢.
(٢) الحاكي عنه هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٧٧ ، وانظر : حاشية الشرائع (ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره) ١٠ : ٨٣.
(٣) كتاب الطهارة : ٢٧٧.