ولقد حاول في الكشف (١) إرجاع بعض العبائر إلى بعض برفع التنافي بينها.
وفيه : أنّه إن أريد من رفع التنافي إثبات اتّحاد مراد الكلّ من أنّ موضوع الحكم لدى الجميع هو الصدر وحده منفردا أو منضمّا كي يتحقّق به إجماعهم ، ففيه : أنّه كيف يمكن أن يفهم من عبارة الجامع ونظائرها أنّه لو وجد الصدر وحده يترتّب عليه هذه الأحكام!؟
وإن أريد بيان مجرّد عدم التنافي بين العبائر ، فهو حسن ، إذ لا إشعار في شيء من عبائرهم بانحصار الموضوع فيما هو المذكور فيه على وجه ينافي موضوعيّة الصدر وحده ، كما لا يخفى على من تأمّلها ، لكن لا يستكشف من ذلك إجماعهم إلّا بالنسبة إلى ما يفهم من أخصّ عبائرهم كعبارة الجامع ، وهذا ممّا لا ريب فيه ، بل لا حاجة بالنسبة إليه إلى الإجماع ، لدلالة النصّ عليه ، كما ستعرفه ، فدعوى عدم التنافي بين العبائر غير مجدية في إثبات كون الصدر موضوعا.
اللهمّ إلّا أن يتشبّث لذلك بالإجماع المنقول ، وقيل بحجّيّته في خصوص مثل الفرض ، أعني ما لم يعلم الخلاف ، لا مطلقا ، فتكون هذه الدعوى حينئذ مجدية.
لكنّا لا نقول بحجّيّة نقل الإجماع ما لم تعضده الأمارات المورثة للوثوق بصدق مضمونه.
فالإنصاف أنّ الذي يمكن دعوى القطع بإجماعهم عليه إنّما هو ثبوت الأحكام المذكورة فيما إذا وجد النصف الأعلى من جثّة الميّت ، المشتمل على
__________________
(١) كشف اللثام ٢ : ٢٠٩.