مدخليّة اللحم في ترتّب الأحكام ، فيكون بمنزلة كبرى تضمّ إلى الصغرى التي استفدناها من الأخبار السابقة من أنّ بدن الميّت وإن كان ناقصا بمنزلة كلّه.
وقد أشرنا فيما سبق إلى دلالة الأخبار المتقدّمة على أنّ هذا التنزيل الشرعي ليس من باب تعميم الحكم ، بل من قبيل بيان أعمّيّة الموضوع ، ولذا قلنا بدلالتها على وجوب ترتيب جميع أحكام الميّت ، لا خصوص الصلاة عليه ، كما أنّ هذه الأخبار الواردة في العظم المجرّد أيضا كذلك ، كما يؤيّده الاقتصار في الصحيحة الأخيرة على ذكر الصلاة مع أنّ المقصود بها أعمّ ، كما وقع التصريح به في الأوليين ، فيفهم من الأخبار السابقة أنّ المناط في وجوب التجهيزات وجود معظم بدن الميّت ولو نصفه الأعظم المشتمل على الصدر والقلب عند توسّطه نصفين ، ويفهم من هذه الأخبار عدم مدخليّة اللحم فيما هو مناط الحكم ، فينتج المطلوب.
لكن يمكن الخدشة فيه : بإمكان أن يكون المناط كون الموجود بنحو من الاعتبار والمسامحة العرفيّة مصداقا للميّت ، وهو يتحقّق بالنسبة إلى معظم بدنه ، وكذا بالنسبة إلى مجموع عظامه المجرّد وأمّا بالنسبة إلى عظام معظم البدن فلا ، ولا ملازمة بين الأمرين ، لكن مع ذلك لا شبهة في أنّ الأوّل لو لم يكن أقوى فهو أحوط ، بل لا يبعد كونه مسلّما لديهم ، كما يشعر بذلك ما في الوسائل في توجيه هذه الأخبار : بأنّ وجهه وجود عظام الصدر (١) ، بل عبارة الجواهر (٢) أيضا تشعر بذلك.
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة ، ذيل الحديث ٨.
(٢) جواهر الكلام ٤ : ١٠٣.