استدلّ بعضهم لوجوب الأغسال الثلاثة بذلك ، معلّلا بأنّ المتعذّر عقلا كالمتعذّر شرعا.
لكن ناقش فيه شيخنا المرتضى رحمهالله : بأنّ المتعذّر شرعا كالمتعذّر عقلا دون العكس ، مع أنّ الحكم الثابت في مورد خاصّ لتعذّر شرعي لا يسري إلى التعذّر العقلي (١). انتهى.
ويتوجّه على ما ذكره ـ من منع كون المتعذّر العقلي كالشرعي ـ أنّ حكمهم بأنّ التعذّر الشرعي كالعقلي ليس حكما تعبّديّا مأخوذا من آية أو رواية حتى يتكلّم في مقدار دلالة الدليل ، بل هو بيان قاعدة عقليّة ، وهي : أنّه إذا كان العذر علّة لثبوت حكم ، فلا فرق بين أن يكون العذر عذرا واقعيّا حقيقيّا أو عذرا ناشئا من أمر شرعي ، ومن المعلوم أنّه لو ثبت حكم للمتعذّر شرعا من حيث كونه متعذّرا ، لثبت ذلك الحكم للمتعذّر عقلا بالأولويّة القطعيّة العقليّة.
نعم ، يتوجّه على الاستدلال : ما ذكره أخيرا من احتمال مدخليّة خصوصيّة المورد في الحكم.
لكنّ الإنصاف ضعف هذا الاحتمال في الغاية ، فالقول بالأغسال الثلاثة لو لم نقل بأنّه أقوى فلا ريب في أنّه أحوط.
هذا كلّه من حيث الحكم التكليفي ، وأمّا الحكم بطهارة بدنه وسقوط الغسل بمسّه فهو مخالف للأصل ، بل قضيّة الاستصحاب بقاء ما كان على ما كان ما لم يعلم المزيل ، فقبل تحقّق الأغسال الثلاثة محكوم بنجاسة بدنه ، ووجوب الغسل بمسّه.
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٢٩١.