غسل الميّت سنّة ، والتيمّم للآخر جائز» (١) ومع ذلك فالعمل على المشهور (٢). انتهى.
وفيه : أنّ الأصل قد انقطع بما عرفت.
وأمّا الصحيحة فهي ـ على ما نبّه عليه في الحدائق (٣) ـ مشتملة على السقط حيث بيّن أنّ راوي هذه الرواية عبد الرحمن بن أبي نجران ، لا عبد الرحمن بن الحجّاج. وما وصفها من صحّة السند فإن كان نقله لها من التهذيب ، فمتنها فيه على ما ذكره ، لكن سندها غير صحيح ، لاشتماله على الضعف والإرسال. وإن كان من الفقيه ، فهي صحيحة إلّا أنّ متنها فيه ليس كما ذكره ، بل الذي فيه : «ويدفن الميّت بتيمّم ، وتيمّم الذي هو على غير وضوء» إلى آخره.
أقول : وحينئذ يقوى في الظنّ وقوع السقط والنسّاخ فيما في التهذيب ، فالصحيحة أيضا معاضدة للمطلوب لا معارضة.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ قضيّة الأدلّة المتقدّمة إنّما هي بدليّة التيمّم من الغسل من حيث هو غسل ، وقضيّته ترتّب آثار الغسل عليه حال الضرورة ، كتيمّم الحيّ ، فالقول ببقاء نجاسته وعدم سقوط الغسل بمسّه ضعيف.
اللهمّ إلّا أن يمنع كونها من آثار الغسل من حيث هو غسل ، وهو كما ترى ، فالمتّجه ترتّب جميع الآثار عليه حتى طهارة البدن ما دامت الضرورة ، كما هو الشأن في مطلق التيمّم ، فإذا تجدّدت القدرة على تغسيله من دون أن يترتّب عليه محذور ، غسّل ، والله العالم.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٥٩ ـ ٦٠ / ٢٢٢ ، التهذيب ١ : ١٠٩ / ٢٨٥ ، الإستبصار ١ : ١٠١ / ٣٢٩ ، الوسائل ، الباب ١٨ من أبواب التيمّم ، الحديث ١.
(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٨٥.
(٣) الحدائق الناضرة ٣ : ٤٧٣.