صارف عن التحريم إلّا إعراض معظم الأصحاب عن ظاهرها ، فالاحتياط لا يترك البتّة (١). انتهى.
لكنّك خبير بأنّ رفع اليد عن ظاهر الخبر الموثوق بصدوره ـ مثل مرسلة ابن أبي عمير ، التي أجراها الأصحاب في القبول مجرى الصحيحة خصوصا هذه المرسلة التي أجمعوا ظاهرا على العمل بمضمونها بالنسبة إلى فقرتها الأخيرة ـ بمجرّد إعراض المعظم لا يخلو عن إشكال خصوصا بعد ما سمعت من الوسيلة والجامع وغير هما التصريح بالحرمة ، ومن المنتهى والخلاف والغنية (٢) دعوى الإجماع على عدم الجواز ، بل عن المنتهى أنّه قال : قال علماؤنا : لا يجوز قصّ شيء من شعر الميّت ولا ظفره ، ولا يسرّح لحيته ، ومتى سقط شيء منه جعل في أكفانه (٣). انتهى ، فكيف يبقى مع ذلك الوثوق بإعراض المعظم عن ظاهرها!؟
وما قيل من أنّ التأمّل في كلمات مدّعي الإجماع يعطي ظهورها في عدم إرادته إلّا الكراهة ، ففيه : أنّ غاية ما يفهم بالقرائن إنّما هي إرادة مدّعي الإجماع ذلك وفهمه إيّاها من كلماتهم ، ولا يحصل بذلك الوثوق بكونها مرادة للمجمعين المعبّرين بعدم الجواز ، وقد سمعت من المنتهى أنّه قال : قال علماؤنا : إنّه لا يجوز ، إلى آخره ، وظاهره كونه نقلا لعبارة العلماء بلفظها أو بمعناها ، فكيف يحصل الوثوق حينئذ بإعراض المعظم كي يمكن طرح الرواية أو تأويلها مع ما فيه من الإشكال!؟ فالقول بالحرمة مع أنّه أحوط لا يخلو عن قوّة ، كما يؤيّده ما حكي (٤)
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٢٩٥.
(٢) الغنية : ١٠٢.
(٣) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٤ : ١٥٧ ، وانظر : منتهى المطلب ١ : ١٤١.
(٤) انظر على سبيل المثال : تذكرة الفقهاء ٢ : ٢٢ ، المسألة ١٥٧ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢٥٠.