وصحيحة زرارة ، قال : سألته عن رجل مات وعليه دين وخلّف قدر ثمن كفنه ، قال : «يجعل ما ترك في ثمن كفنه إلّا أن يتّجر عليه بعض الناس فيكفّنونه ، ويقضى ما عليه ممّا ترك» (١).
وقضيّة تقديم الكفن على الدّين مطلقا ـ كما يقتضيه إطلاق الأخبار وكلام الأصحاب في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة ـ عدم مزاحمة حقّ المرتهن وغرماء المفلّس له وإن تعلّق حقّهم بالعين ، فإنّ حكم الشارع بتقدّم الكفن على الدّين ينفي استحقاقهم استيفاء ديونهم ما لم يخلّف الميّت ما يزيد عن كفنه ، فلا يبقى لهم حقّ في مورد المزاحمة كي ينافي استحقاقه للكفن.
فما عن الذكرى ـ من تقديم حقّ المرتهن بخلاف غرماء المفلّس (٢) ـ ضعيف.
وعن المحقّق والشهيد الثانيين التردّد في تقدّمه على حقّ المرتهن والمجني عليه من إطلاق النصّ والفتوى ، ومن اقتضاء الرهن والجناية الاختصاص.
ثمّ احتملا الفرق بين الجناية والرهن : بأنّ الدّين في الرهن يتعلّق بالقيمة ، ولا يستقلّ الآخذ بالأخذ ، بخلاف الجنابة.
واحتمل أوّلهما الفرق بين الجناية عمدا وخطأ ، ثمّ قال : والمسألة موضع تردّد وإن كنت لا أستبعد تقديم الكفن في المرتهن (٣). انتهى.
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٣ / ٢ ، الفقيه ٤ : ١٤٣ / ٤٩٢ ، التهذيب ٩ : ١٧١ / ٦٩٧ ، الوسائل ، الباب ٢٧ من أبواب كتاب الوصايا ، الحديث ٢.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣١٠ ، وانظر : الذكرى ١ : ٣٧٩.
(٣) الحاكي عنهما هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣١٠ ـ ٣١١ ، وانظر : جامع المقاصد ١ : ٤٠١ ، وروض الجنان : ١٠٩.