ولعلّه لسبق استحقاق الميّت له ، وهذا أيضا لا يخلو عن تأمّل ، والله العالم.
ثمّ إنّ صريح بعضهم في فتاويهم بل في بعض معاقد إجماعاتهم المحكيّة : تخصيص الحكم بالكفن الواجب دون المندوب ، وبه صرّح المصنّف في محكيّ المعتبر ، قال : لو كان هناك دين مستوعب ، منع من المندوب وإن كنّا لا نبيع ثياب التجمّل للمفلّس ، لحاجته إلى التجمّل ، بخلاف الميّت ، فإنّه أحوج إلى براءة ذمّته ، ولو أوصى بالندب فهو من الثلث إلّا مع الإجازة (١). انتهى.
وفي طهارة شيخنا المرتضى رحمهالله بعد اختياره ذلك ، قال : ولا فرق بين تعلّق الندبيّة بموجود مستقلّ كالقطع المندوبة ، أم تعلّقت بخصوصيّة من خصوصيّات الكفن الواجب ، كإجادة الكفن ، وكون الإزار الواجب بردا ، ونحوهما. والتأمّل في القسم الثاني ـ بناء على أنّ المندوب أحد أفراد القدر المشترك الواجب ، فللوليّ المخاطب بالمباشرة اختياره ـ مدفوع : بأنّ الكلام ليس في اختيار الوليّ ، بل الكلام في المتعلّق بالتركة ، فإذا فرض أنّ المتعلّق بها هو القدر المشترك ، فلا تسلّط للوليّ على مزاحمة الوارث بعد بذل الوارث القدر المشترك (٢). انتهى.
وفيه : أنّ تقدّم حقّ الميّت وأحقّيّته بكفنه من سائر الناس يمنعهم من مزاحمة الوليّ فيما يختاره ما لم يكن خارجا من المتعارف اللائق بحال الميّت ، كما تقدّم الكلام فيه مفصّلا ، فإنّ إطلاقات أدلّة التكفين ـ مع ما فيها من الأجزاء المستحبّة فضلا عن واجباتها على الإطلاق ـ حاكمة بل واردة على ما دلّ على
__________________
(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٤ : ٢٦٠ ، ولم نعثر عليه في المعتبر. والعبارة المحكيّة عنه نصّ كلام الشهيد في الذكرى ١ : ٣٨٠.
(٢) كتاب الطهارة : ٣١٠.