وقد يتوهّم كون مضيّ ثلاثة أيّام طريقا تعبّديّا لإحراز الموت ، كما يشعر به ظاهر المتن وغيره ، لما رواه هشام بن الحكم عن أبي الحسن عليهالسلام في المصعوق والغريق ، قال : «ينتظر به ثلاثة أيّام إلّا أن يتغيّر قبل ذلك» (١).
وفي خبر عليّ بن أبي حمزة ، قال : أصاب الناس بمكة سنة من السنين صواعق كثيرة مات من ذلك خلق كثير ، فدخلت على أبي إبراهيم عليهالسلام ، فقال مبتدئا من غير أن أسأله : «ينبغي للغريق والمصعوق أن يتربّص بهما ثلاثا لا يدفن إلّا أن يجيء منه ريح تدلّ على موته» قلت : جعلت فداك ، كأنّك تخبرني أنّه قد دفن ناس كثير أحياء ، فقال : «نعم ، يا علي قد دفن ناس كثير أحياء ما ماتوا إلّا في قبورهم» (٢).
ورواية إسحاق بن عمّار ، قال : سألته ـ يعني أبا عبد الله عليهالسلام ـ عن الغريق أيغسّل؟ قال : «نعم ، ويستبرأ» قلت : وكيف يستبرأ؟ قال : «يترك ثلاثة أيّام قبل أن يدفن ، وكذلك أيضا صاحب الصاعقة فإنّه ربما ظنّوا أنّه مات ولم يمت» (٣).
ويدفعه ظهور الأخبار في كونها مسوقة لبيان وجوب الصبر عليه عند الاشتباه إلى ثلاثة أيّام حتى يرتفع الاشتباه على ما تقتضيه العادة ، فليست الأخبار إلّا جارية مجرى العادة ، وليس فيها إشعار أصلا بكون الثلاثة أيّام طريقا تعبّديّا محضا ، بل لا ينبغي الارتياب في عدم رضا الشارع بالإقدام على دفن النفوس
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٠٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٣٨ / ٩٩٢ ، الوسائل ، الباب ٤٨ من أبواب الاحتضار ، الحديث ١.
(٢) الكافي ٣ : ٢١٠ / ٦ ، الوسائل ، الباب ٤٨ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٥.
(٣) الكافي ٣ : ٢٠٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٣٨ / ٩٩٠ ، الوسائل ، الباب ٤٨ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٣.