وأمّا الفرض الثاني فهو خلاف ما فرضه المستدلّ من أنّا نعلم أنّ مقصود الشارع وجود الفعل لا عن مباشر معيّن ، فإنّ محبوبيّة الفعل بضميمة الخصوصيّة المفروضة اقتضت تعلّق غرضه بإيجاد البعض بالخصوص ، فالإنصاف أنّه لا وجه للخدشة في الاستدلال من هذه الجهة.
نعم ، على المستدلّ في مقام الاستدلال وإلزام الخصم إقامة البيّنة على ما ادّعاه من العلم.
وكفى له دليلا ما استدلّ به شيخنا قدسسره للوجوب الكفائي من ظهور جملة من الأخبار ـ الواردة في جملة من أحكام الميّت ـ في ذلك ، فإنّ دلالتها على الوجوب الكفائي ليس إلّا من حيث ظهورها في وجوب الفعل وعدم تعيّنه على شخص خاصّ ، فإنّ مقتضاه وجوب خروج جميع المكلّفين من عهدته ما لم يوجد في الخارج ، فإذا وجد بفعل بعض المكلّفين بل ولو بفعل غير المكلّف ، ارتفع التكليف عن الكلّ ، وهذا هو معنى الواجب الكفائي مطلقا ، فيفهم من هذه الأخبار ـ ولو بضميمة فتوى الأصحاب وإجماعهم ـ كون سائر أحكام الميّت من هذا القبيل ، بل لا مجال للتشكيك في ذلك بعد التتبّع في الأخبار ، بل من نظر إليها بعين التدبّر لرأي جلّ ما ورد في هذا الباب من الآداب واجباتها ومسنوناتها ليس المقصود بالأمر فيها إلّا حصول متعلّقاتها وعدم حرمان الميّت عن فائدتها من أيّ شخص يكون ، بل لا يفهم من الأوامر الواردة في هذا الباب ، الموجّهة إلى شخص خاصّ ولو وليّ الميت إلّا إرادة ذلك.
ألا ترى هل يتوهّم متوهّم من قول النبيّ صلىاللهعليهوآله في الرواية المتقدّمة (١) في
__________________
(١) في ص ١٥.