التي لم تكن متعارفة في الأزمنة السابقة ، للزم أن لا يكون مكروها ، وهو خلاف ظاهر الفتاوى.
هذا في النقل إلى غير المشاهد المشرّفة ، وأمّا النقل إليها بعنوان التوسّل والاستشفاع والتوصّل إلى ما فيها من الفوائد الأخرويّة : فلا يكره ، بل يستحبّ بلا نقل خلاف فيه ، بل عن المعتبر أنّه مذهب علمائنا خاصّة ، وعليه عمل الأصحاب من زمن الأئمّة عليهمالسلام إلى الآن ، وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه ، ولأنّه يقصد بذلك التمسّك بمن له أهليّة الشفاعة ، وهو حسن [بين] (١) الأحياء توصّلا إلى فوائد الدنيا ، فالتوصّل إلى فوائد الآخرة أولى (٢). انتهى.
وهو في غاية الحسن ، بل لا ينبغي الارتياب فيه خصوصا بعد ما عرفت من عدم دليل يعتدّ به على كراهة النقل إلى غير المشاهد أيضا لو لا الإجماع وقاعدة التسامح القاضيتان في المقام باستحبابه.
ويشهد له ـ مضافا إلى ما عرفت ـ خبر عليّ بن سليمان ، قال : كتبت أسأله عن الميّت يموت بعرفات يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم فأيّهما أفضل؟ فكتب «يحمل إلى الحرم ويدفن فهو أفضل» (٣).
والمرويّ عن إرشاد الديلمي وفرحة الغريّ من قضيّة اليماني الحامل لجنازة أبيه ، فقال له عليّ عليهالسلام :«لم لا دفنته في أرضكم؟» قال : أوصى بذلك ، فقال له : «ادفن» فقام فدفنه في الغريّ (٤) ، فإنّ فيه التقرير منه لفعله حيث لم يعبه بنقله.
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في «ض ٧ ، ٨» والطبعة الحجريّة : «في». وما أثبتناه من المصدر.
(٢) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ١٤٨ ـ ١٤٩ ، وانظر : المعتبر ١ : ٣٠٧.
(٣) الكافي ٤ : ٥٤٣ / ١٤ ، الوسائل ، الباب ٤٤ من أبواب مقدّمات الطواف ، الحديث ٢.
(٤) الحاكي عنهما هو البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ١٤٩ ، وانظر : إرشاد القلوب : ٤٤٠ ، ولم نجده في فرحة الغري.