ويشهد له أيضا فحوى الأخبار الآتية الدالّة على جوازه بعد الدفن إن عملنا بها.
وكيف كان فلا فرق في جواز النقل بين قرب البلد وبعده ما لم يؤدّ إلى فساد الميّت من تغيّر ريحه وتفرّق أعضائه ، بل ومعه أيضا على الأظهر إذا كان ذلك مسبّبا عن طول المدّة أو حرارة الهواء ونحوها ، لا إلى عمل عامل على وجه غير مشروع ، للأصل وغيره ممّا عرفت.
وقد بالغ في ذلك بعض (١) الأساطين من متأخّري المتأخّرين ، فجوّز النقل إلى المشاهد وإن توقّف على تقطيعه إربا.
قال فيما حكي عنه : ولا هتك فيه للحرمة إذا كان بعنوان النفع له ودفع الضرر عنه ، كما يصنع بالأحياء.
وفيه : أنّ نفس تمثيل الميّت وتقطيعه بذاته محذور ممنوع منه شرعا ومناف لاحترام الميّت ، فلا يصحّ أن تبيحه غاية مستحبّة ، وتفرّع تلك الغاية على التقطيع لا يخرجه من كونه في حدّ ذاته هتكا لحرمته ، المعلوم حرمته.
ولو سلّم عدم كونه هتكا بنظر العرف إذا تحقّق بقصد تحصيل النفع ، فلا نسلّم جوازه شرعا ، بل هو على الظاهر محرّم مطلقا قد يترتّب عليه استحقاق الدية وإن كان حكمته في الواقع توهين الميّت ، إذ لا يجب في الحكم المقتضية للأحكام الشرعيّة اطّرادها ، كما هو ظاهر.
وأمّا إذا كان انفصال الأعضاء بعضها عن بعض كتغيّر ريحه مستندا إلى
__________________
(١) هو الأستاد المعتبر الشيخ جعفر تغمّده الله برحمته ، كما في جواهر الكلام ٤ : ٣٤٨.