هو حرمة هتك الميّت بنبش قبره ما لم يكن تركه موجبا لتضييع حقّ الغير أو تفويت تكليف شرعي ، وقد عرفت أنّ حرمة النبش بعد تحقّق الإذن من المالك لا توجب تضييع حقّه ، وقد صرّح بعضهم بأنّه لو أذن بالصلاة في داره ، ليس له الرجوع في أثناء الصلاة ، نظرا إلى ما عرفت من أنّ الإذن بمثل هذه الأمور يستتبع القيام بموجبه.
وكيف كان فالأمر فيما نحن فيه أوضح ، بل لا ينبغي الاستشكال فيه.
ويتفرّع عليه أنّه لو انتقلت الأرض إلى شخص آخر بإرث أو شراء ، ليس لذلك الآخر أيضا نبشه ، إذ لا ينتقل من المالك إلّا ما كان له.
فما عن الشيخ في المبسوط ـ من جوازه للمشتري (١) ـ ضعيف.
ولو ألقى متاعه في قبر مسلم عمدا ، فقد يتخيّل جريان مثل ما ذكرناه في الفرع السابق بالنسبة إليه ، نظرا إلى أنّه بإلقائه في القبر ـ بعد حكم الشارع بحرمة نبشه وكونه هتكا لحرمة المسلم ـ أقدم على إتلاف ماله ، فيكون تضرّره مسبّبا عن إقدامه ، لا عن حكم الشارع بحرمة نبش القبر كي يرفعها قاعدة نفي الضرر ، وعلى تقدير جهله بالحكم الشرعي وإن لم يصدر منه الإقدام على الضرر لكن تضرّره مسبّب عن جهله لا عن الحكم الشرعي. لكن للنظر فيه مجال.
والمسألة في بعض فروضها لا تخلو عن إشكال وإن كان الأظهر ما هو ظاهر الأصحاب من جواز استنقاذه مطلقا خصوصا مع إمكان أن يقال : إنّ إحداث طريق إلى القبر من بعض نواحيه بمقدار الضرورة لإخراج ما القي في القبر لا يعدّ بنظر العرف هتكا لحرمة الميّت ، بل لا يعدّ نبشا للقبر وإن كان منافيا لاحترامه ،
__________________
(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٤ : ٣٥٦ ، وانظر : المبسوط ١ : ١٨٨.