يرفع صاحب الحقّ يده عن حقّه ، وإلّا فيكون غاصبا (١) فيفسد عمله لو كان عبادة.
توضيح المقام : أنّه إذا علم تعلّق إرادة المولى إرادة حتميّة بحصول أمر مقدور لعبيدة من دون أن تكون خصوصيّات أشخاص العبيد ملحوظة فيما تعلّقت به إرادته ، يستقلّ العقل بوجوب إيجاده على الجميع ، وعدم معذوريّتهم في تركه ، وجواز مؤاخذة الكلّ بذلك بعد اطّلاعهم على مراده ، لكن لا يخفى أنّ تعلّق الوجوب بالفعل في مثل الفرض ليس إلّا على نحو تعلّقت به إرادة المولى ، فيصير الفعل واجبا على الجميع لا على كلّ واحد واحد بالخصوص ، ولذا نسمّيه واجبا كفائيّا لا عينيّا ، فيكون حال الأشخاص حينئذ حال الأزمنة في الواجب الموسّع ، فيجوز لكلّ واحد واحد لذاته الإتيان بالفعل والترك من دون أن يتعيّن عليه أحد هما ، لكن جواز الترك له ليس كجواز الفعل مطلقا ، بل هو مشروط بحصول الفعل من غيره ، إذ لولاه لم يجز له الترك ، لأنّ المفروض جواز مؤاخذة الكلّ عليه ، فيجب عليه عقلا إمّا إيجاد الفعل أو تحصيل الوثوق بحصوله من غيره ، إذا لولاه لاحتمل العقاب على الترك ، فلا يبيحه العقل.
هذا فيما إذا لم يكن الفعل مطلقا مزاحما لحقّ الغير ، وأمّا لو كان كذلك ـ كما لو توقّف حصوله على التصرّف في ملك الغير ، أو كان للغير ـ مثلا ـ حقّ الاستباق والتولية ، كما هو المفروض فيما نحن فيه ـ فليس له حينئذ إيجاد الفعل أيضا مطلقا ، بل له ذلك عند عدم مزاحمته لحقّ الغير بأن أذن له أو أسقط حقّه ، أو امتنع عن إيجاد الفعل وترخيص الغير على وجه لو روعي حقّه لفات الواجب ، فإنّ هذا أيضا ـ كإسقاط الحقّ ـ مسقط له ، وإلّا للزم أن لا يكون حصوله من حيث
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : «عاصيا».