هو مطلوبا من الجميع مطلقا من دون مدخليّة الأشخاص بخصوصيّاتها ، كما هو المفروض حيث لم يرده المولى في مثل الفرض من غير الوليّ ، وإلّا للزم اجتماع الأمر والنهي ، وهو باطل بديهة ، فله حينئذ إمّا اختيار الترك بعد إحراز كفاية الغير عن فعله ، أو إيجاد الفعل بعد العلم بعدم مزاحمته لحقّ الغير إمّا لسقوطه بالتفريط والامتناع عن الفعل أو بإسقاطه أو الرخصة في الفعل ، وليس إحراز هذا الشرط أمرا غير مقدور للمكلّف حتى يكون اشتراط جواز الفعل به عند عدم الأمن من تبعة العقاب بالترك موجبا للتكليف بما لا يطاق ، فإنّه يحرز ذلك بمراجعة صاحب الحقّ ، فإن تقدّم بنفسه أو قدّم من أحبّ ممّن يصدر منه الفعل ، فهو ، وإن امتنع عن الفعل وتقديم الغير بحيث استكشف من حاله ـ ولو بسبب ضيق الوقت ـ أنّه لو أو كل الأمر إليه لفات الواجب ، فقد سقط حقّه ، ويكفي في ذلك الظنّ بالإهمال والتفويت عند تعذّر العلم ، بل يكفي الاحتمال عند تعذّر الظنّ بعد العلم بأهمّيّة الواجب وعدم معذوريّة أحد في تركه.
والحاصل : أنّه لا يجوز رفع اليد عن عموم ما دلّ على حرمة التصرّف في ملك الغير بمجرّد توقّف إيجاد واجب كفائي ، كحفظ نفس محترمة عليه إذا أمكن حصوله من المالك أو مأذونه ، فإنّ تخصيص أحد الدليلين بالآخر في مثل الفرض إنّما هو بقرينة العقل ، فإذا أحرز العقل كون الواجب أهمّ في نظر الشارع ، حكم بجواز التصرّف في ملك الغير على تقدير عدم قيام المالك أو مأذونه بذلك لا مطلقا.
وقد يتوهّم في مثل الفرض أنّ مقتضى القاعدة تخصيص الواجب الكفائي بالمالك ومأذونه دون من عداهم ، إذا لا يزاحم الوجوب الكفائي الحرمة