لكنّك خبير بعدم اقتضائها لتقييد المطلقات التي كاد أن يكون بعضها صريحا في الإطلاق ، كصحيحة ابن سنان وحسنة محمد بن مسلم (١).
وربما يستدلّ لهذا القول : برواية أبي حمزة عن الباقر عليهالسلام قال : «لا يغسّل الرجل المرأة إلّا أن لا توجد امرأة» (٢).
وفيه ـ بعد تسليم سندها ـ لا بدّ من تخصيصها بما عدا الزوجة بالأخبار المتقدّمة ، فإنّ تخصيص هذه الرواية أهون من تقييد تلك المطلقات التي ربما يدّعى صراحة بعضها في الجواز حال الاختيار.
ولا يبعد أن تكون حكمة إطلاق النهي في هذه الرواية كراهة تغسيلها اختيارا ، فيكون المراد بالنهي ما يعمّ الكراهة.
واستدلّ له أيضا : برواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام «يغسّل الزوج امرأته في السفر ، والمرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معهم رجل» (٣).
وفيه : أنّ هذه الرواية ـ مع ما فيها من قصور السند وضعف الدلالة ـ لا تصلح لإثبات أزيد من الكراهة في مقابل الأدلّة المتقدّمة.
واستدلّ له أيضا : بما في غير واحد من الأخبار (٤) من تعليل تغسيل أمير المؤمنين عليهالسلام فاطمة سلام الله عليها : بكونها صدّيقة لا يغسّلها إلّا صدّيق.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن يغسّل كلّ من يموت من
__________________
(١) تقدّمت الصحيحة والحسنة في ص ٥٩.
(٢) التهذيب ١ : ٤٤٠ / ١٤٢١ ، الإستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠٢ ، الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١٠.
(٣) التهذيب ١ : ٤٣٩ ـ ٤٤٠ / ١٤٢٠ ، الإستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠١ ، الوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١٤.
(٤) منها : ما في الفقيه ١ : ٨٧ / ٤٠٢ ، والوسائل ، الباب ٢٤ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١٥.