وكأنّ هذه العبارة هي التي قصدها في الروض ، وفهم منها الموافقة لما اختاره من عدم طهارة الثوب بصبّ الماء عليه من غير عصر.
لكن قد يتأمّل في دلالة هذه العبارة على مدّعاه ، لظهورها في إرادة النجاسة الخارجيّة التي تخرج من الميّت ، وهذا خارج عن محلّ الكلام.
ويدفعه أنّ خروج النجاسة ليس ملازما لغسله من وراء الثوب كي يكون هذا مراده بالعبارة ، فمقصوده على الظاهر ليس إلّا إرادة غسالة الميّت ، فكأنّه عنى بهذا التعبير الإشارة إلى أنّ ما ينفصل عن الميّت سبب لتنجيسه ، فلا يطهر ، بل يبقى على نجاسته فينجس الميّت.
وكيف كان فهذه العبارة كغيرها من عبائرهم صريحة في ثبوت الملازمة بين بقاء الثوب على نجاسته وتنجيس الميّت ، بل هذا هو الذي تقتضيه القواعد ، فكما يفهم من الأخبار طهارة الميّت بغسله ، يفهم طهارة ما يلاصقه من مكانه وثوبه ونحوهما ، ولا يقاس ثوب الميّت بماء الغسالة حيث تعقّلنا فيه نجاستها عند طهارة المحلّ ، لوضوح الفرق بينهما ، بل هو نظير الإناء الذي يغسل فيه شيء نجس ، فلو قيل في كيفيّة تطهيره : صبّ عليه الماء مرّتين ، فكما يفهم من ذلك طهارة ذلك الشيء بصبّ الماء عليه مرّتين ، يفهم منه طهارة الإناء أيضا ، كما لا يخفى.
وقد ظهر لك بما قرّرنا أنّ المراد من الاستدلال بإطلاق الأخبار في هذا المقام ليس بالإطلاق المصطلح ، بل هو بمنزلة من حيث الحاجة إلى بيان زائد ، فلا يستلزم من الالتزام بوجوب تطهير الميّت بعد غسله فضلا عن وجوب عصر ثيابه بعد الغسل أو في أثنائه تقييد لتلك الإطلاقات حتى ينفيه أصالة الإطلاق.