ويطهرنه» (١) الحديث.
وفيه ـ بعد الغضّ عمّا في هذه الروايات من ضعف السند ، وقصور بعضها من حيث الدلالة كالأوليين ، لإهمال أولاهما ، وصلاحية ثانيتهما لإرادة المحارم من بعض الرجال ، كما يشعر بذلك قوله عليهالسلام : «ويستحبّ أن يلفّ على يديه خرقة» (٢) ويؤيّده ما سمعه ابن سنان عن الصادق عليهالسلام ـ فيما سمعته في الفرع السابق ـ في عكس المسألة ـ : «فإن لم تكن امرأته معه غسّلته أولاهنّ به وتلفّ على يديها خرقة» (٣) ـ أنّ هذه الروايات بأسرها قابلة للحمل على الاستحباب فلتحمل عليه ـ كما عن الاستبصار وزيادات التهذيب (٤) ـ بقرينة الأخبار المتقدّمة الصريحة في عدم الوجوب ولو من فوق الثياب ، كما لا يخفى على من تأمّل فيها.
وربما يتوهّم عدم إمكان الجمع بينها ، لاشتمال جلّ الأخبار المتقدّمة على النهي عن التغسيل والأمر بالدفن بلا غسل ، وهو ينافي الاستحباب.
ويدفعه : كون النهي في مقام توهّم الوجوب ، والأمر بالدفن في مقام توهّم الحظر ، فلا يفهم منهما أزيد من الرخصة ، لكن مع ذلك لا ينبغي الارتياب في أنّ الترك أحوط ، إذ لا شبهة في جواز الترك بمقتضى الأخبار المتقدّمة المشهورة المعمول بها ، التي لا ريب في جواز الأخذ بها ، وأمّا الفعل فقلّما ينفكّ عن بعض المحاذير التي يشكل الالتزام بجوازها إلّا بدليل قويّ ، والله العالم.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٤١ ـ ٤٤٢ / ١٤٢٦ ، الإستبصار ١ : ٢٠١ ـ ٢٠٢ / ٧١١ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ٣.
(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩٥ ، الهامش (١).
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩٠ ، الهامش (٢).
(٤) الحاكي عنهما هو الشيخ الأنصاري قدسسره في كتاب الطهارة : ٢٨٦ ، وانظر : الاستبصار ١ : ٢٠٢ و ٢٠٥ ، والتهذيب ١ : ٤٤٢.