ومنها : الطباق ، وهو الجمع بين متضادين أو شبههما ـ في قوله : «تؤتي» و «تنزع» وتعزّ وتذلّ وفي قوله : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) أي : والشّرّ ـ عند بعضهم ـ ، وفي قوله : «اللّيل» و «النّهار» و «الحيّ» و «الميّت».
ومنها ردّ الأعجاز على الصدور ، والصدور على الأعجاز في قوله : (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ،) وفي قوله : (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) ونحوه عادات الشاذات شاذات العادات.
وتضمنت من المعاني التوكيد بإيقاع الظاهر موقع المضمر في قوله : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) وفي تجوّزه بإيقاع الحرف مكان ما هو بمعناه ، والحذف لفهم المعنى.
فصل
قال أبو العبّاس المقرىء : ورد لفظ الحساب في القرآن على ثلاثة أوجه :
الأول : بمعنى التعب ، قال تعالى : (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).
الثاني : بمعنى العدد ، كقوله : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) أي : بغير عدد.
الثالث : بمعنى المطالبة ، قال تعالى : (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) [أي : بغير مطالبة](١).
فصل
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ فاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، وآيتين من آل عمران ـ وهما (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ، قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) معلّقات ، ما بينهنّ وبين الله حجاب ، قلن : يا ربّ ، تهبطنا إلى أرضك ، وإلى من يعصيك؟ قال الله ـ عزوجل ـ : إنّي حلفت لا يقرؤكنّ أحد من عبادي دبر كلّ صلاة إلا جعلت الجنة مثواه ـ على ما كان منه ـ ولأسكنته حظيرة القدس ، ولنظرت إليه بعين مكنونة كلّ يوم سبعين مرة ، ولقضيت له كلّ يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة ـ ولأعذته من كلّ عدوّ وحاسد ، ونصرته منهم» (٢).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) رواه ابن حبان في «المجروحين» (١ / ٢١٨) وابن السني (٣٢٢) عن محمد بن زنبور عن الحارث بن عمير ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب.
قال ابن حبان : موضوع لا أصل له والحارث كان ممن يروي عن الأثبات الموضوعات والحديث أورده ابن الجوزي في «الموضوعات» (١ / ٢٤٥) من رواية ابن حبان.