قال ابن عرفة : المحبة ـ عند العرب ـ إرادة الشيء على قصد له.
وقال الأزهري : محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما ، واتباعه أمرهما ، قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) [آل عمران : ٣١] [ومحبة الله للعباد إنعامه عليهم بالغفران ، قال الله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) [آل عمران : ٣٢] ، أي : لا يغفر لهم](١).
قال سهل بن عبد الله : علامة حبّ الله حبّ القرآن ، وعلامة حب القرآن حبّ النبي ، وعلامة حب النبي صلىاللهعليهوسلم حب السنة ، وعلامة حب السنة ، حب الآخرة ، وعلامة حب الآخرة ، أن لا يحب نفسه ، وعلامة أن لا يحب نفسه أن يبغض الدنيا ، وعلامة بغض الدنيا أن لا يأخذ منها إلا الزاد والبلغة.
قوله : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) الآية قيل : إنه لما نزلت هذه الآية ، قال عبد الله بن أبي لأصحابه : إن محمدا يجعل طاعته كطاعة الله ، ويأمرنا أن نحبه كما أحبت النصارى عيسى ـ عليهالسلام ـ فنزل قوله : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا) أعرضوا عنها (فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) لا يرضى فعلهم ولا يغفر لهم.
والمعنى : إنما أوجب الله عليكم طاعتي ، ومتابعتي ـ لا كما تقول النصارى في عيسى ، [بل لكوني رسولا من عند الله](٢).
قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مضارعا ، والأصل «تتولّوا» فحذف إحدى التاءين كما تقدم ، وعلى هذا ، فالكلام جار على نسق واحد ، وهو الخطاب.
والثاني : أن يكون فعلا ماضيا مسندا لضمير غيب ، فيجوز أن يكون من باب الالتفات ، ويكون المراد بالغيّب المخاطبين في المعنى ، ونظيره قوله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس : ٢٢].
فصل
روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كلّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى»
__________________
ـ المنذر كما في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠) من طريق أبي عبيدة الناجي عن الحسن.
وأخرجه الطبري (٦ / ٣٢٣) وابن أبي حاتم كما في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠) من طريق عباد بن منصور عن الحسن.
(١) بدل ما بين المعكوفين في أ :
فحب المؤمنين لله اتباعهم أمره ، وإيثار طاعته ، وابتغاء مرضاته ، وحب الله المؤمنين ثناؤه عليهم ، وثوابه لهم ، وعفوه عنهم ، فذلك قوله تعالى : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يعني غفور في الدنيا ، فيستر على العبد معصيته ، رحيم في الآخرة بفضله ، وكرمه.
(٢) سقط في أ.