بأن الله ، فلما حذف الخافض جرى الوجهان المشهوران في محلّها.
وفي قراءة عبد الله (١) : «فنادته الملائكة يا زكريا» فقوله : «يا زكريا» هو مفعول النداء ، وعلى هذه القراءة يتعين كسر «إن» ولا يجوز فتحها ؛ لاستيفاء الفعل معموليه ، وهما الضمير وما نودي به زكريا.
قوله : (يُبَشِّرُكَ) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم (٢) الخمسة في هذه السورة (أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ) ـ في موضعين ـ وفي سورة الإسراء : (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) وفي سورة الكهف : (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ بضم الياء ، وفتح الباء ، وكسر الشين مشددة ـ من بشّره ، يبشّره.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم ـ ثلاثتهم ـ كذلك في سورة الشورى ، وهو قوله : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا) [الشورى : ٢٣].
وقرأ الجميع ـ دون حمزة (٣) ـ كذلك في سورة براءة : (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ) [التوبة : ٢١] وفي الحجر ـ في قوله : (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) [الحجر : ٥٣] ـ ولا خلاف في الثاني ـ وهو قوله : (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) [الحجر : ٥٤] ـ أنه بالتثقيل.
وكذلك قرأ الجميع (٤) ـ دون حمزة ـ في سورة مريم ـ في موضعين ـ (إِنَّا نُبَشِّرُكَ) [مريم : ٧] وقوله : (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) [مريم : ٩٧]. وكل من لم يذكر من قرأ بالتقييد المذكور فإنه يقرأ بفتح حرف المضارعة ، وسكون الباء وضم الشين.
وإذا أردت معرفة ضبط هذا الفصل ، فاعلم أن المواضع التي وقع فيها الخلاف المذكور تسع كلمات ، والقرّاء فيه على أربع مراتب :
فنافع وابن عامر وعاصم ثقّلوا الجميع.
وحمزة خفّف الجميع إلا قوله : (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ).
وابن كثير وأبو عمرو ثقلا الجميع إلا التي في سورة الشورى فإنهما وافقا فيها حمزة. والكسائي خفّف خمسا منها ، وثقّل أربعا ، فخفّف كلمتي هذه السورة ، وكلمات الإسراء والكهف والشورى. وقد تقدم أن في هذا الفعل ثلاث لغات : بشّر ـ بالتشديد ـ وبشر ـ بالتخفيف ـ.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٢٨ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٦٥ ، والدر المصون ٢ / ٨٢.
(٢) انظر : السبعة ٢٠٥ ، والكشف ١ / ٣٤٣ ، والحجة ٣ / ٤١ ، ٤٢ ، وحجة القراءات ١٦٣ ، وإعراب القراءات ١ / ١١٢ ، والعنوان ٧٩ ، وشرح شعلة ٣١٣ ، ٣١٤ ، وإتحاف ١ / ٤٧٧ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٥٦ ـ ١٥٨.
(٣) انظر القراءة السابقة.
(٤) ستأتي في مريم آية ٧.