قالوا : فإن كان أعجميا جاز الوجهان ؛ لاحتمال أن تكون ألفه أصلية أو زائدة ؛ إذ لا يعرف له اشتقاق. ويصغر يحيى على «يحيى» وأنشد للشيخ أبي عمرو بن الحاجب في ذلك : [مجزوء الرمل]
١٤٣٣ ـ أيّها العالم بالتّصر |
|
يف لا زلت تحيّا |
قال قوم : إنّ يحيى |
|
إن يصغّر فيحيّا |
وأبى قوم فقالوا |
|
ليس هذا الرّأي حيّا |
إنّما كان صوابا |
|
لو أجابوا بيحيّا |
كيف قد ردّوا يحيّا |
|
والّذي اختاروا يحيّا؟ |
أتراهم في ضلال |
|
أم ترى وجها يحيّا؟ (١) |
وهذا جار مجرى الألغاز في تصغير هذه اللفظة ، وذلك يختلف بالتصريف والعمل ، وهو أنه لما اجتمع في آخر الاسم المصغّر ثلاث ياءات جرى فيه خلاف بين النحاة بالنسبة إلى الحذف والإثبات ، وأصل المسألة تصغير «أحوى» وينسب إلى «يحيى» «يحييّ» ـ بحذف الألف ، تشبيها لها بالزائد ـ نحو حبليّ ـ في حبلى ـ و «يحيويّ» ـ بالقلب ؛ لأنها أصل كألف ملهويّ ، أو شبيهة بالأصل إن كان أعجميا ـ و «يحياويّ» ـ بزيادة ألف قبل قلب ألفه واوا.
وقرأ حمزة والكسائي «يحيى» بالإمالة ؛ لأجل الياء والباقون بالتفخيم.
قال ابن عباس : «سمّي» يحيى ؛ لأن الله أحيا به عقر أمّه (٢).
وقال قتادة : لأن الله أحيا قلبه بالإيمان (٣).
وقيل : لأن الله أحياه بالطاعة حتى إنه لم يعص الله ، ولم يهمّ بمعصية.
قال القرطبي : «كان اسمه ـ في الكتاب الأول ـ حيا ، وكان اسم سارة ـ زوجة إبراهيم ـ يسارة ، وتفسيره بالعربية : لا تلد ، فلما بشّرت بإسحاق قيل لها : سارة ، سمّاها بذلك جبريل ـ عليهالسلام ـ فقالت : يا إبراهيم ، لم نقص من اسمي حرف؟ فقال إبراهيم ذلك لجبريل ـ عليهالسلام ـ فقال : إن ذلك حرف زيد في اسم ابن لها من أفضل الأنبياء ، اسمه حيا ، فسمّي بيحيى».
قوله : (مُصَدِّقاً) حال من «يحيى» وهذه حال مقدرة.
__________________
(١) ينظر الأبيات في بغية الوعاة ٢ / ١٣٤ وغاية النهاية ١ / ٥٠٨ والدر المصون ٢ / ٨٣ و ٨٤.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (١ / ٢٩٨).
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (١ / ٢٩٨).