المسند للمرأة لا يقال فيه إلا عقرت ـ بضم القاف ؛ إذ لو جاز فتحها ، أو كسرها لجاء منهما فاعل ـ من غير تأويل على النسب ، ومن ورود عاقر وصفا للرجل قول عامر بن الطفيل : [الطويل]
١٤٤٦ ـ لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا |
|
جبانا فما عذري لدى كلّ محضر (١) |
قال القرطبيّ : «والعاقر : العظيم من الرمل ، لا ينبت شيئا ، والعقر ـ أيضا ـ مهر المرأة إذا وطئت بشبهة وبيضة العقر : زعموا أنها بيضة الديك ، لأنه يبيض في عمره بيضة واحدة إلى الطول ، وعقر النار ـ أيضا ـ وسطها ومعظمها وعقر الحوض : مؤخّره ـ حيث تقف الإبل إذا وردت».
قوله : (قالَ كَذلِكَ) هذا القائل هو الرب المذكور في قوله : (رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) وقد ذكرنا أنه يحتمل أن يكون هو الله تعالى ، وأن يكون هو جبريل ـ عليهالسلام.
قوله : (كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) في الكاف وجهان :
أحدهما : أنها في محل نصب ، وفيه التخريجان المشهوران :
الأول ـ وعليه أكثر المعربين ـ : أنها نعت لمصدر محذوف ، وتقديره يفعل الله ما يشاء من الأفعال العجيبة ، مثل ذاك الفعل ، وهو خلق الولد بين شيخ فان وعجوز عاقر.
والثاني أنها في محل نصب على الحال من ضمير ذلك المصدر ، أي : يفعل الفعل حال كونه مثل ذلك وهو مذهب سيبويه (٢) ، وقد تقدم إيضاحه.
الثاني ـ من وجهي الكاف ـ : أنها في محل رفع خبر مقدّم ، ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخر ، فقدره الزمخشري على نحو هذه الصفة لله ، ويفعل ما يشاء بيان له ، وقدره ابن عطية : «كهذه القدرة المستغربة هي قدرة الله».
وقدّره أبو حيّان ، فقال : «وذلك على حذف مضاف ، أي : صنع الله الغريب مثل ذلك الصنع ، فيكون (يَفْعَلُ ما يَشاءُ) شرحا للإبهام الذي في اسم الإشارة».
فالكلام ـ على الأول ـ جملة واحدة ، وعلى الثاني جملتان.
وقال ابن عطية : «ويحتمل أن تكون الإشارة بذلك إلى حال زكريا وحال امرأته ، كأنه قال : ربّ على أيّ وجه يكون لنا غلام ونحن بحال كذا؟ فقال لهما : كما أنتما يكون لكما الغلام ، والكلام تام ، على هذا التأويل ـ في قوله «كذلك» ، وقوله : (اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) جملة مبيّنة مقررة في النفس وقوع هذا الأمر المستغرب».
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه (١١٩) ومجاز القرآن ١ / ٩٢ والطبري ٢ / ٣٨١ والمذكر والمؤنث ١ / ١٧١ والمفضليات ص ٣٦٢ والأصمعيات ص ٢١٥ وشرح المفضليات ٣ / ١٢٣٧ والدر المصون ٢ / ٨٧.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ١١٦.