قوله : (وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) جملة حالية ، إما من الياء في «لي» فيتعدد الحال ـ عند من يراه ـ وإما من الياء في «بلغني» ، والعاقر : من لا يولد له رجلا كان أو امرأة ، مشتقا من العقر ، وهو القتل ، كأنهم تخيلوا فيه قتل أولاده ، والفعل ـ بهذا المعنى ـ لازم ، وأما عقرت ـ بمعنى «نحرت» فمتعدّ.
قال تعالى : (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) [الأعراف : ٧٧].
وقال الشاعر : [الطويل]
١٤٤٤ ـ ........... |
|
عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل (١) |
وقيل : عاقر ـ على النسب ـ أي : ذات عقر ، وهي بمعنى مفعول ، أي : معقورة ، ولذلك لم تلحق تاء التأنيث ، والعقر ـ بفتح العين وضمها ـ أصل الشيء ، ومنه عقر الدار ، وعقر الحوض ، وفي الحديث : «ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم إلّا ذلّوا» (٢) وعقرته ، أي : أصبت عقره ، أي : أصله ـ نحو رأسته ، أي أصبت رأسه ، والعقر ـ أيضا ـ آخر الولد ، وكذلك بيضة العقر ، والعقار : الخمر لأنها تعقر العقل ـ مجازا ـ وفي كلامهم رفع فلان عقيرته ، أي : صوته ، وذلك أن رجلا عقر رجله فرفع صوته ، فاستعير ذلك لكلّ من رفع صوته. وقال : وأنشد الفراء : [الرجز]
١٤٤٥ ـ أرزام باب عقرت أعواما |
|
فعلّقت بنيّها تسماما (٣) |
وقال بعضهم : يقال : عقرت المرأة تعقر عقرا وعقارا ويقال : عقر الرجل وعقر وعقر إذا لم تحبل زوجته ، فجعل الفعل المسند إلى الرجل أوسع من المسند إلى المرأة.
قال الزّجّاج (٤) : عاقر بمعنى ذات عقر قال : لأن فعلت أسماء الفاعلين منه على فعيل نحو ظريفة ، وكريمة ، وإنما عاقر على ذات عقر ، قلت : وهذا نص في أن الفعل
__________________
(١) عجز بيت لامرىء القيس وصدره :
تقول وقد مال الغبيط بنا معا
ينظر ديوانه (١١) وابن الشجري ٢ / ٩٣ وشرح القصائد العشر (٧١) واللسان (عقر) والتهذيب (١ / ٢١٨) وتفسير القرطبي ٧ / ٢٤١ وشرح القصائد السبع ص ٣٧ والتاج ٣ / ٤١٥ وحاشية الأمير على المغني (٩٨) ورغبة الآمل ٣ / ١٣٣ والدر المصون ٢ / ٨٧.
(٢) أخرجه أبو داود ٢ / ٢٩٦ في البيوع ، باب النهي عن العينة (٣٤٦٢) وأحمد ٢ / ٨٤ عن ابن عمر رفعه «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم».
وذكر الهيثمي في المجمع ٥ / ٢٨٧ عن أبي بكر رفعه «ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب» وقال: رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه علي بن سعيد الرازي قال الدار قطني : ليس بذاك ، وقال الذهبي : روى عنه الناس.
(٣) ينظر : الدر المصون ٢ / ٨٧.
(٤) ينظر : معاني القرآن ١ / ٤١٢.