قال شهاب الدين (١) : «ومذهبه ـ أيضا ـ أنّ الحال لا يجيء من المضاف إليه ، وهو مراده بقوله : ولعدم العامل. وجاءت الحال من النكرة ؛ لتخصّصها بالصفة بعدها. وظاهر كلام الواحديّ ـ فيما نقله عن الفرّاء ـ أنّها يجوز أن تكون أحوالا من «عيسى» فإنّه قال : والقرّاء تسمّي هذا قطعا ، كأنه قال : عيسى ابن مريم الوجيه ، قطع منه التعريف. فظاهر هذا يؤذن بأنّ (وَجِيهاً) من صفة «عيسى» في الأصل ، فقطع عنه ، والحال وصف في المعنى».
والوجيه : ذو الجاه ، وهو القوة ، والمنعة ، والشرف.
وجمع «وجيه» وجهاء ، ووجاه ، يقال : وجه الرّجل يوجه وجاهة ، فهو وجيه ـ إذا صارت له منزلة رفيعة عند الناس.
وقال بعضهم : الوجيه : الكريم.
و «كهلا» من قولهم : اكتهلت الدوحة ، إذا عمّها النّور ـ والمرأة كهلة.
وقال الراغب : «والكهل : من وخطه الشّيب ، واكتهل النبات : إذا شارف اليبوسة مشارفة الكهل الشّيب».
وأنشد قول الأعشى ـ في وصف روضة بأكمل أحوالها ـ : [البسيط]
١٤٦٨ ـ يضاحك الشّمس منها كوكب شرق |
|
مؤزّر بعميم النّبت مكتهل (٢) |
وقد تقدم الكلام في تنقّل أحوال الولد من لدن كونه في البطن إلى شيخوخته ، عند ذكر «غلام».
وقال بعضهم : «ما دام في بطن أمّه ، فهو جنين ، فإذا ولد فوليد ، فإذا لم يستتمّ الأسبوع فصديغ ؛ وما دام يرضع فهو رضيع ، ثم هو فطيم ـ عند الفطام ـ وإذا لم يرضع ؛ فجحوش ، فإذا دبّ ونما : فدراج ، فإذا سقطت رواضعه فثغور ومثغور ، [فإذا نبتت أسنانه بعد السقوط فمتّغر ـ بالتاء والثاء](٣) ، فإذا جاوز العشر : فمترعرع ، وناشىء. فإذا راهق الحلم : فيافع ، ومراهق. فإذا احتلم فحزوّر. والغلام يطلق عليه في جميع أحواله بعد الولادة ، فإذا اخضر شاربه ، وسال عذاره : فباقل ، فإذا صار ذا لحية : ففتى وشارخ ، فإذا اكتملت لحيته ؛ فمجتمع ، ثم هو من الثلاثين إلى الأربعين شابّ ، ومن الأربعين إلى ستين كهل» ، ولأهل اللغة عبارات مختلفة في ذلك ، وهذا أشهرها.
فإن قيل : المستغرب إنما هو كلام الطفل في المهد ، وأما كلام الكهول فغير مستغرب.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٩٦.
(٢) ينظر البيت في ديوانه (٥٧) والمشكل (١٣٦) والصناعتين ٢١٢ واللسان (كهل) وأمالي المرتضى ١ / ٢٢١ والدر المصون ٢ / ٩٧.
(٣) سقط في أ.