وأما إذا أمرت المثنى فإن الياء تثبت فتقول : يا زيدان تعاليا ، ويا هندان تعاليا ـ أيضا يستوي فيه المذكران والمؤنثان ـ وكذلك أمر جماعة الإناث تثبت فيه الياء تقول : يا نسوة تعالين ، قال تعالى : (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ) [الأحزاب : ٢٨] ؛ إذ لا مقتضي للحذف ، ولا للقلب ؛ وهو ظاهر بما تمهد من القواعد.
وقرأ الحسن وأبو السّمّال وأبو واقد (١) : تعالوا ـ بضم اللام ـ ووجهوها على أن الأصل : تعاليوا ـ كما تقدم فاستثقلت الضمة على الياء ، فنقلت إلى اللام ـ بعد سلب حركتها ـ فبقي تعالوا ـ بضم اللام.
قال الزمخشريّ في سورة النساء : وعلى هذه القراءة قال الحمدانيّ : [الطويل]
١٤٩١ ـ ........... |
|
تعالي أقاسمك الهموم تعالي (٢) |
بكسر اللام ـ وقد غاب بعض الناس عليه في استشهاده بشعر هذا المولّد المتأخّر وليس بعيب ؛ فإنه ذكره استئناسا.
وهذا كما تقدم في أول البقرة ـ عندما أنشد لحبيب : [الطويل]
١٤٩٢ ـ هما أظلما حاليّ ثمّت أجليا |
|
ظلاميهما عن وجه أمرد أشيب (٣) |
واعتذر هو عن ذلك فكيف يعاب عليه بشيء عرفه ، ونبّه عليه ، واعتذر عنه؟
والذي يظهر في توجيه هذه القراءة أنهم تناسوا الحرف المحذوف ، حتى كأنهم توهّموا أن الكلمة بنيت على ذلك ، وأنّ اللام هي الآخر في الحقيقة ، فلذلك عوملت معاملة الآخر حقيقة ، فضمّت قبل واو الضمير وكسرت قبل يائه ، ويدل على ما قلناه أنهم قالوا : ـ في لم أبله ـ : إن الأصل : أبالي ؛ لأنه مضارع «بالى» فلما دخل الجازم حذفوا له حرف العلة ـ على القاعدة ـ ثم تناسوا ذلك الحرف ، فسكنوا للجازم اللام ؛ لأنها كالأخير حقيقة ، فلما سكنت اللام التقى ساكنان ـ هي والألف قبلها ـ فحذفت الألف ؛ لالتقاء الساكنين.
وهذا التعليل أولى ؛ لأنه يعمّ هذه القراءة والبيت المذكور ، وعلى مقتضى تعليله هو أن يقال : الأصل تعاليي ، فاستثقلت الكسرة على الياء ، فنقلت إلى اللام ـ بعد سلبها حركتها ـ ثم حذفت الياء ؛ لالتقاء الساكنين.
__________________
(١) ينظر : الشواذ ٢١ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٠٢ ، والدر المصون ٢ / ١٢١.
(٢) عجز بيت وصدره :
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا
ينظر ديوانه (٣٢٥) وشذور الذهب ص ٢٣ والكشاف ١ / ٥٣٦ وحاشية السجاعي على القطر ص ١٧ والدر المصون ٢ / ١٢١.
(٣) تقدم برقم ٢٦٥.