يريد : [الطويل]
١٤٩٧ ـ ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم ـ لا محالة ـ زائل (١) |
وهذا كما يسمون الشيء بجزئه في الأعيان ، لأنه المقصود منه ، قالوا لرئيس القوم ـ وهو الذي ينظر لهم ما يحتاجون إليه ـ : عين ، فأطلقوا عليه «عينا».
وقال بعضهم : وضع المفرد موضع الجمع ، كما قال : [الطويل]
١٤٩٨ ـ بها جيف الحسرى ، فأمّا عظامها |
|
فبيض ، وأمّا جلدها فصليب (٢) |
وقيل : أطلقت الكلمة على الكلمات ؛ لارتباط بعضها ببعض ، فصارت في قوة الكلمة الواحدة ـ إذا اختلّ جزء منها اختلت الكلمة ؛ لأن كلمة التوحيد ـ لا إله إلا الله ـ هي كلمات لا تتم النسبة المقصودة فيها من حصر الإلهية في «الله» إلا بمجموعها.
وقرأ العامة «سواء» بالجر ؛ نعتا ل «كلمة» بمعنى عدل ، ويدل عليه قراءة عبد الله : إلى كلمة عدل ، وهذا تفسير لا قراءة.
وسواء في الأصل ـ مصدر ، ففي الوصف التأويلات الثلاثة المعروفة ، ولذلك لم يؤنث كما لم تؤنث ب «امرأة عدل» ؛ لأن المصادر لا تثنّى ، ولا تجمع ، ولا تؤنّث ، فإذا فتحت السين مددت ، وإذا كسرت أو ضممت قصرت ، كقوله : (مَكاناً سُوىً) [طه : ٥٨].
وقرأ الحسن «سواء» بالنصب (٣) ، وفيها وجهان :
أحدهما : نصبها على المصدر.
قال الزمخشريّ : «بمعنى : استوت استواء» ، وكذا الحوفيّ.
والثاني : أنه منصوب على الحال ، وجاءت الحال من النكرة ، وقد نصّ عليه سيبويه.
قال أبو حيّان : «ولكن المشهور غيره ، والذي حسّن مجيئها من النكرة ـ هنا ـ كون الوصف بالمصدر على خلاف الأصل ، والصفة والحال متلاقيان من حيث المعنى».
وكأن أبا حيان غض من تخريج الزمخشريّ والحوفيّ ، فقال : «والحال والصفة متلاقيان من حيث المعنى ، والمصدر يحتاج إلى إضمار عامل ، وإلى تأويل «سواء» بمعنى استواء».
والأشهر استعمال «سواء» بمعنى اسم الفاعل ـ أي : مستو.
قال شهاب الدين : «وبذلك فسّرها ابن عباس ، فقال : إلى كلمة مستوية».
__________________
(١) تقدم تخريج الحديث ، وتخريج البيت برقم ٤١٠.
(٢) تقدم برقم ١٦٥.
(٣) ينظر : الكشاف ١ / ٣٧١ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٠٦ ، والدر المصون ٢ / ١٢٥.