وأما ورش فقد تقدم عنه وجهان : إبدال الهمزة ـ من «أنتم» ـ ألفا ، وتسهيلها بين بين ، فإذا أبدل مدّ ، وإذا سهّل قصر ، إذا عرف هذا ففي إعراب هذه الآية أوجه :
أحدها : أنّ «أنتم» مبتدأ ، و «هؤلاء» خبره ، والجملة من قوله : (حاجَجْتُمْ) جملة مستأنفة ، مبينة للجملة الأولى ، يعني أنتم هؤلاء الأشخاص الحمقى ، وبيان حماقتكم ، وقلة عقولكم ، أنكم جادلتم فيما لكم به علم بما نطق به التوراة والإنجيل (فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ؟) ذكر ذلك الزمخشريّ.
الثاني : أن يكون (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) مبتدأ وخبرا ، والجملة من (حاجَجْتُمْ) في محل نصب على الحال يدل على ذلك تصريح العرب بإيقاع الحال موقعها ـ في قولهم : ها أنا ذا قائما ، ثم هذه الحال عندهم ـ من الأحوال اللازمة ، التي لا يستغني الكلام عنها.
الثالث : أن يكون (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) على ما تقدم ـ أيضا ـ ولكن هؤلاء هنا موصول ، لا يتم إلا بصلة وعائد ، وهما الجملة من قوله : (حاجَجْتُمْ ،) ذكره الزمخشريّ.
وهذا إنما يتجه عند الكوفيين ، تقديره : ها أنتم الذين حاججتم.
الرابع : أن يكون «أنتم» مبتدأ ، و «حاججتم» خبره ، و «هؤلاء» منادى ، وهذا إنما يتّجه عند الكوفيين أيضا ؛ لأن حرف النداء لا يحذف من أسماء الإشارة ، وأجازه الكوفيون وأنشدوا : [البسيط]
١٥٠٤ ـ إنّ الألى وصفوا قومي لهم فبهم |
|
هذا اعتصم تلق من عاداك مخذولا (١) |
يريد يا هذا اعتصم ، وقول الآخر : [الخفيف]
١٥٠٥ ـ لا يغرّنّكم أولاء من القو |
|
م جنوح للسّلم فهو خداع (٢) |
يريد : يا أولاء.
الخامس : أن يكون «هؤلاء» منصوبا على الاختصاص بإضمار فعل. و «أنتم» مبتدأ ، و «حاججتم» خبره ، وجملة الاختصاص معترضة.
السادس : أن يكون على حذف مضاف ، تقديره : ها أنتم مثل هؤلاء ، وتكون الجملة بعدها مبيّنة لوجه الشبه ، أو حالا.
السابع : أن يكون «أنتم» خبرا مقدما ، و «هؤلاء» مبتدأ مؤخرا.
وهذه الأوجه السبعة قد تقدم ذكرها ، وذكر من نسبت إليه والردّ على بعض القائلين
__________________
(١) تقدم برقم ٦٢٩.
(٢) ينظر : شواهد التوضيح والتصحيح ص ٢١١ ، الأشموني ٣ / ١٣٦ ، شرح الكافية الشافية ٣ / ١٢٩٢ ، البحر ٢ / ٥١١ ، الدر المصون ٢ / ١٣٠.