اللام ، وتشديد الواو الأولى (١) ـ من «لوّى» مضعّفا ، والتضعيف فيه للتكثير والمبالغة ، لا للتعدية ؛ إذ لو كان لها لتعدى لآخر ؛ لأنه متعدّ لواحد قبل ذلك ، ونسبها الزمخشريّ لأهل المدينة ، وهو كما قال ، فإن هؤلاء رؤساء قرّاء المدينة.
وقرأ حميد «يلون» ـ بفتح الياء ، وضم اللام ، بعدها واو مفردة ساكنة (٢) ـ ونسبها الزمخشريّ لمجاهد وابن كثير ، ووجّهها هو بأن الأصل (يَلْوُونَ) ـ كقراءة العامة ـ ثم أبدلت الواو المضمومة همزة ، وهو بدل قياسيّ ـ كأجوه وأقّتت. ثم خفّفت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها وهو اللام ـ وحذفت الهمزة ، فبقي وزن «يلون» يفون ـ بحذف اللام والعين ـ وذلك لأن اللام ـ وهي الياء ـ حذفت لالتقاء الساكنين ؛ لأن الأصل «يلويون» كيضربون ، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت ، فالتقى ساكنان ـ الياء وواو الضمير ـ فحذفت الياء لالتقائهما ، ثم حذفت الواو التي هي عين الكلمة.
و (أَلْسِنَتَهُمْ) جمع لسان ، وهذا على لغة من ذكّره ، وأما على لغة من يؤنثه ـ فيقول : هذه لسان ـ فإنه يجمع على «ألسن» ـ نحو ذراع وأذرع وكراع وأكرع.
وقال الفرّاء : لم نسمعه من العرب إلا مذكّرا. ويعبّر باللسان عن الكلام ؛ لأنه ينشأ منه ، وفيه ـ والمراد به ذلك ـ التذكير والتأنيث ـ ، والليّ : الفتل ، يقال : لويت الثوب ، ولويت عنقه ـ أي فتلته ـ والليّ : المطل ، لواه دينه ، يلويه ليّا ، وليّانا : مطله. والمصدر : اللّيّ واللّيان.
قال الشاعر : [الرجز]
١٥٢٦ ـ قد كنت داينت بها حسّانا |
|
مخافة إلافلاس واللّيانا (٣) |
والأصل لوي ، ولويان ، فأعلّ بما تقدم في «ميّت» وبابه ثم يطلق اللّيّ على الإراغة والمراوغة في الحجج والخصومة ؛ تشبيها للمعاني بالأجرام. وفي الحديث : «ليّ الواجد ظلم» (٤).
وقال بعضهم : اللّيّ عبارة عن عطف الشيء ، وردّه عن الاستقامة إلى الاعوجاج يقال : لويت يده والتوى الشيء ـ إذا انحرف ـ والتوى فلان عليّ إذا غيّر أخلاقه عن الاستواء إلى ضده. ولوى لسانه عن كذا ـ إذا غيره ـ ولوى فلان فلانا عن رأيه ـ إذا أماله
__________________
(١) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٦٠ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٢٧ ، والدر المصون ٢ / ١٤٤.
(٢) انظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٦٠ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٢٧ ، والدر المصون ٢ / ١٤٥.
(٣) البيت لرؤبة ينظر ديوانه ص ١٨٧ والكتاب ١ / ٩٨ وشرح ابن عقيل ٢ / ١٠٥ والدرر ٢ / ٢٠٣ وابن الشجري ١ / ٢٢٨ وابن يعيش ٦ / ٦٥ وشرح الجمل ١ / ٥٤ والهمع ٢ / ١٤٥ وأوضح المسالك ٣ / ٢١٥ والمغني ٢ / ٩٦ والدر المصون ٢ / ١٤٥.
(٤) أخرجه النسائي (٧ / ٣١٦ ـ ٣١٧) كتاب البيوع وابن ماجه (٢٤٢٧) وأحمد (٤ / ٣٨٩) وابن حبان (١١٦٤ ـ موارد) من حديث الشريد.