كالخشب المنتصب ، ونحوه ، والعوج يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة ، كما يكون في أرض بسيطة عوج ، فيعرف تفاوته بالبصيرة ، وكالدين والمعاش ، وهذا قريب من قول ابن فارس ؛ لأنه كثيرا ما يأخذ منه.
وقد سأل الزمخشريّ في سورة طه قوله تعالى : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [طه : ١٠٧] ـ سؤالا ، حاصله : أنه كيف قيل : عوج ـ بالكسر ـ في الأعيان ، وإنما يقال في المعاني؟
وأجاب هناك بجواب حسن ـ يأتي إن شاء الله.
والسؤال إنما يجيء على قول أبي عبيدة والزجّاج المتقدم ، وأما على قول ابن فارس والراغب فلا يرد ، ومن مجيء العوج بمعنى الميل من حيث الجملة قول الشاعر : [الوافر]
١٥٤٦ ـ تمرّون الدّيار ولم تعوجوا |
|
كلامكم عليّ إذن حرام (١) |
وقول امرىء القيس : [الكامل]
١٥٤٧ ـ عوجا على الطّلل المحيل لأنّنا |
|
نبكي الدّيار كما بكى ابن حذام (٢) |
أي : ولم تميلوا ، وميلا.
وأما قولهم : ما يعوج زيد بالدواء ـ أي : ما ينتفع به ـ فمن مادة أخرى ومعنى آخر.
والعاج : العظم ، ألفه مجهولة لا يعلم منقلبة عن واو أو عن ياء؟ وفي الحديث أنه صلىاللهعليهوسلم قال لثوبان : «اشتر لفاطمة سوارا من عاج».
قال القتيبي : العاج الذّبل ؛ وقال أبو خراش الهذليّ في امرأة : [الطويل]
١٥٤٨ ـ فجاءت كخاصي العير لم تحل عاجة |
|
ولا جاجة منها تلوح على وشم (٣) |
قال الأصمعيّ : العاجة : الذبلة ، والجاجة ـ بجيمين ـ خرزة ما تساوي فلسا.
وقوله : كخاصي العير ، هذا مثل تقوله العرب لمن جاء مستحيا من أمر ، فيقال : جاء كخاصي العير.
__________________
(١) تقدم برقم ١٥٩.
(٢) ينظر البيت في ديوانه ص ١١٤ ، وجمهرة اللغة ص ٥٨٠ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٧٦ ، ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، ولسان العرب (خذم) ، وشرح المفصل ٨ / ٧٩ ، والدرر ٢ / ١٦٦ ، والمؤتلف والمختلف ص ١١ وفيه «حمام» مكان «خذام» ، والحيوان ٢ / ١٤٠ وفيه «حمام» مكان (خذام) ، وتذكرة النحاة ص ٤١٩ ورصف المباني ص ١٢٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٤ ، والدر المصون ٢ / ١٧٤.
(٣) ينظر البيت في ديوان الهذليين ٢ / ١٢٩ واللسان (عوج) والتاج ٧ / ٣٠٥ وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٠١ ومجمع الأمثال ١ / ٢٩٣ والدر المصون ٢ / ١٧٥.