النفي والاستفهام فعلى الأوّل تتعلّق بمحذوف ، وعلى الثاني لا تعلق لها ، و «ما» موصولة أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف ، على كلا التّقديرين ، أي : أمسكنه كما تقدّم ، والنّون في «أمسكن» للجوارح ، و «عليكم» متعلق ب «أمسكن» ، والاستعلاء هنا مجاز.
فصل
معنى الكلام أنّ الجارحة المعلّمة إذا خرجت بإرسال صاحبها فأخذت الصّيد وقتلته حلّ ، والتعليم هو أن يوجد فيه ثلاثة أشياء إذا أشليت استشلت ، وإذا زجرت انزجرت ، وإذا أخذت الصّيد [أمسكت] ولم تأكل ، فإذا وجد منها ذلك مرارا وأقله ثلاث مرّات كانت معلّمة ، يحلّ قتلها إذا خرجت بإرسال صاحبها لما روي عن عدي بن حاتم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أرسلت كلبك المعلّم وسمّيت فأمسك وقتل فكل وإن أكل فلا تأكل فإنّما أمسك على نفسه ، فإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله عليه فأمسكته وقتلته فلا تأكل ، فإنّك لا تدري أيّها قتل وإذا رميت الصّيد فوجدته بعد يوم ، أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل وإذا وقع في الماء فلا تأكل ، فإنّك لا تدري الماء قتله ، أو سهمك».
واختلفوا فيما أخذت الصّيد ، وأكلت منه شيئا ، فذهب أكثر العلماء إلى تحريمه.
وروي [ذلك عن](١) ابن عبّاس ، وهو قول عطاء وطاوس والشّعبي ، وبه قال الثّوري وابن المبارك وأصحاب الرّأي ، وأصحّ قولي الشّافعي ـ رضي الله عنه ـ لقوله عليه الصلاة والسلام «فإن أكل فلا تأكل ، فإنّما أمسك على نفسه» (٢) ورخص بعضهم في أكله ، روي ذلك عن ابن عمر وسلمان الفارسيّ وسعد بن أبي وقاص ، وقال مالك : لما روي عن [أبي](٣) ثعلبة [الخشني](٤) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل ، وإن أكل منه»(٥).
وروي أن أبا ثعلبة الخشني قال : قلت يا نبيّ الله : إنّا بأرض قوم من أهل كتاب ، أفنأكل في آنيتهم؟ وبأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلّم ، وبكلبي المعلّم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) متفق عليه ، أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٢٧٩ ، كتاب الوضوء ؛ باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان الحديث (١٧٥) وفي ٩ / ٦٠٩ ، كتاب الذبائح والصيد باب إذا أكل الكلب ، الحديث (٥٤٨٤) وفي ٩ / ٦١٠ باب الصيد إذا غاب عنه يومين ، الحديث (٥٤٨٤) وفي (٩ / ٦١٢) ، باب إذا وجد مع الصيد كلبا آخر الحديث (٥٤٨٦) وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٥٣١ ، كتاب الصيد والذبائح : باب الصيد بالكلاب المعلمة الحديث (٦ / ١٩٢٩).
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب.
(٥) أخرجه أبو داود (٣ / ٢٧١ ـ ٢٧٢) كتاب الصيد باب في الصيد (٢٨٥٢) والبيهقي (٩ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨) من حديث أبي ثعلبة الخشني وذكره الحافظ ابن حجر في «التخليص» (٤ / ١٣٦ وقال : أعله البيهقي.