اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله في الرجم ، وأجمع المفسرون أن هذا الوعيد يتناول اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله في واقعة الرجم ، فدلّ على سقوط هذا الجواب.
وقال عكرمة (١) : قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه ، أما من عرف بقلبه كونه حكم الله إلا أنه أتى بما يضاده ، فهو حاكم بما أنزل الله ، ولكنه تارك له فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية.
قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥)
قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ).
أي كتبنا عليهم في التوراة حكم أنواع القصاص وهو أن حكم الزاني المحصن «الرجم» فغيّروه وبدّلوه ، وبيّن أيضا في التوراة : أن النفس بالنفس فغيّروا هذا الحكم ففضلوا بني النضير على بني قريظة ، وخصصوا إيجاب القود ببني قريظة دون بني النضير فهذا أوجه النظم ، ومعنى «كتبنا» أي : فرضنا ، وكان شر القصاص أو العفو ، وما كان فيهم الدية والضمير في «عليهم» ل «الذين (هادُوا). قوله تعالى : (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) : «أن» واسمها وخبرها في محل نصب على المفعولية ب «كتبنا» ، والتقدير : وكتبنا عليهم أخذ النفس بالنفس.
وقرأ الكسائي (٢) «والعين» وما عطف عليها بالرفع ، وقرأ نافع وحمزة وعاصم بنصب الجميع.
وقرأ أبو عمرو ، وابن كثير ، وابن عامر (٣) بالنصب فيما عدا «الجروح» فإنهم يرفعونها.
فأما قراءة الكسائي فوجّهها أبو علي الفارسي بثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون «الواو» عاطفة جملة اسمية على جملة فعلية ، فتعطف الجمل كما تعطف المفردات ، يعني أن قوله : «والعين» مبتدأ ، و «بالعين» خبره ، وكذا ما بعدها ، والجملة الاسمية عطف على الفعلية من قوله : «وكتبنا» وعلى هذا فيكون ذلك ابتداء تشريع ، وبيان حكم جديد غير مندرج فيما كتب في التوراة.
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ٦.
(٢) ينظر : السبعة ٢٤٤ ، والحجة ٣ / ٢٢٣ ، وحجة القراءات ٢٢٥ ، والعنوان ٨٧ ، وإعراب القراءات ١ / ١٤٦ ، وشرح شعلة ٣٥٠ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، وإتحاف ١ / ٥٣٦.
(٣) ينظر : القراءة السابقة.