سألت الفقهاء من أهل العراق والحجاز فقالوا : لا يحلّ أكله من أجل ما فيه ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : إن كنت تعلم أنّ فيه مالاً معروفاً ربا وتعرف أهله فخذ رأس مالك وردّ ما سوى ذلك ، وإن كان مختلطاً فكله هنيئاً ، فإنّ المال مالك ، واجتنب ما كان يصنع صاحبه ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد وضع ما مضى من الربا وحرّم عليهم ما بقي ، فمن جهله وسع له جهله حتى يعرفه ، فإذا عرف تحريمه حرم عليه ووجب عليه فيه العقوبة إذا ارتكبه كما يجب على من أكل الربا » (١).
ونحوه الصحيح الآخر ، وفيه زيادة على ما مرّ : « وأيّما رجل أفاد مالاً كثيراً فيه الربا فجهل ذلك ثم عرفه فأراد أن ينزعه ، فما مضى فله ، ويدعه فيما يستأنف » (٢) ونحوهما غيرهما (٣).
إلاّ أنّ سياقها كما ترى بالدلالة على المختار أولى ، من حيث تعليل حلّ أكل الربا المختلط بوضع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما مضى منه ، وهو كالصريح في أنّ المراد بما مضى نفس الربا في حالة الجهل (٤) ، ومنه يظهر صحة تفسير الآية بما قدّمناه ، كما هو أيضاً ظاهرها.
وبالجملة الدلالة على الحلّ في غاية الوضوح جدّاً ، فحمل الأمر بالردّ مع التمييز والعزل (٥) على الاستحباب غير بعيد.
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٤٥ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٦ / ٧٠ ، الوسائل ١٨ : ١٢٩ أبواب الربا ب ٥ ح ٣.
(٢) الكافي ٥ : ١٤٤ / ٣ ، الفقيه ٣ : ١٧٥ / ٧٨٧ ، التهذيب ٧ : ١٦ / ٦٩ ، الوسائل ١٨ : ١٢٨ أبواب الربا ب ٥ ح ٢.
(٣) انظر الوسائل ١٨ : ١٢٨ أبواب الربا ب ٥.
(٤) في « ت » زيادة : لذلك ، وفي « ر » : مطلقاً ، وفي « ق » : مطلقاً لذلك.
(٥) في « ر » زيادة : لذلك ، وفي « ح » : مطلقاً لذلك.