الشهر الحرام بقوله تعالى ( قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) أي ذنب كبير ، لكن عند أصحابنا ليس ذلك على إطلاقه ، بل التحريم بالنسبة إلى من يرى حرمة الشهر الحرام إذا لم يبدأ ، وأمّا من لا يرى لها حرمة أو يرى ويبدأ فيجوز القتال ، ولذلك قال تعالى ( قِتالٍ ) بالتنكير ، والنكرة في الإثبات لا تعمّ. وقال الأكثر : إنه كان حراماً مطلقاً ثم نُسخ ، وقال عطا : بل التحريم باقٍ لم ينسخ (١). انتهى.
وظاهره اتّفاق الأصحاب على عدم الإطلاق ؛ ولعلّ المستند في التقييد ما مرّ من الدليل ، مضافاً إلى النصّ المنجبر بالعمل.
وفيه : عن المشركين أيبتدئهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟ فقال : « إذا كان المشركون يبتدئونهم باستحلالهم ثم رأى المسلمون أنّهم يظهرون عليهم فيه ، وذلك قول الله عز وجل( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ) والروم في هذا بمنزلة المشركين ، لأنهم لم يعرفوا للشهر الحرام حرمة ولا حقاً ، فهؤلاء يبدؤون بالقتال فيه ، وكان المشركون يرون له حقاً وحرمة فاستحلّوه فاستحلّ منهم ، وأهل البغي يبتدئون بالقتال » (٢).
( ويكره ) حال الاختيار ( القتال قبل الزوال ) كما هنا. وفي التحرير واللمعتين والدروس (٣). وفي النهاية والسرائر والشرائع والمنتهى : يستحب أن يكون بعده أو عنده بعد أن تصلّي الظهرين (٤). وهو أولى ؛
__________________
(١) كنز العرفان ١ : ٣٥٤.
(٢) التهذيب ٦ : ١٤٢ / ٢٤٣ ، الوسائل ١٥ : ٧٠ أبواب جهاد العدو ب ٢٢ ح ١. والآية : البقرة : ١٩٤.
(٣) التحرير ١ : ١٣٦ ، اللمعة ( الروضة ٢ ) : ٣٩٤ ، الدروس ٢ : ٣٢.
(٤) النهاية : ٢٩٨ ، السرائر ٢ : ٢١ ، الشرائع ١ : ٣١٢ ، المنتهى ٢ : ٩١٣.